مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20].
وهاتان صورتان مما يسمى بالتجنس الاختياري، وكلتاهما حرام لا يجوز لمسلم الإقدام عليهما.
ولكنَّ الكلامَ في ثلاث صور استئنائية أخرى، هي:
1 - الجنسية الاضطرارية غير الاختيارية: وهي التي تمنح ابتداءً للأقليات المسلمة التي هي من سكان تلك البلاد أصلًا؛ فهذه الجنسية لا خيارَ فيها، وهؤلاء (الأقليات) تثبت لهم الجنسية بمجرد ولادتهم، ولا خيارَ لهم في ذلك؛ فهم مُكْرَهون عليها ولا إثمَ على مُكْرَهٍ، ولا تستقيم لهم حياة بدون جنسية، فهي في حقهم ضرورة، لكن مع ذلك لا بُدَّ أن يلتزموا بأحكام الإسلام جُهْدَهُمْ، وأن يُظْهِروا دينَهُمْ قدرَ طاقتهم، وإلا وجب عليهم التحولُ ولَزِمَتْهُمُ الهجرةُ، والهجرةُ لا تنقطع حتى تنقطعَ التوبةُ، ولا تنقطع التوبةُ حتى تَطْلُعَ الشمس من مغربها.
ومَنِ اختارَ البقاء أو ضاقت به السبل، فليعملْ على إظهار دينه ما استطاع، أو لِيَعْزِمْ على الهجرةِ لبلاد المسلمين متى أمكنه ذلك، و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وبكل حال فإنه لا يمكن -لاعتباراتٍ واقعيةٍ - إلزامُ مسلمي تلك الديار بالتحوُّلِ جميعًا إلى ديار الإسلام.
2 - من اضطر إلى التجنس بسبب اضطهاده في بلده الأصلي، وبسبب التضييق عليه في نفسه، أو عِرْضه، أو قُوتِهِ، أو كان لا يحمل جنسية أصلًا، ومُنِعَ من الإقامة إلا بالتجنس؛ فهؤلاء إن لم يمكنهم دفع ضرورتهم بالإقامة فقط، وكان لا بُدَّ من التجنس، وتَعَيَّنَ لدفع ضرورَتِهم الواقعةِ المعتَبَرَةِ؛ فلهُمُ التجنسُ من باب: "الضرورات تبيح المحظورات"، قال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]، وقد أباح الشرع النطق بكلمة الكفر حال الإكراه مع طمأنينة القلب بالإيمان.
قال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ