وبناءً على ذلك لا نستطيع أن نقول: إن المسلمَ الأمريكيَّ إذا قتل أخاه المسلمَ الأفغانيَّ، أو أن المسلمَ الأفغانيَّ إذا قتل أخاه المسلمَ الأمريكيَّ أنه في النار، بل نقول: إن الظروف الصعبة جعلتهما معًا في موضع صعب، نسأل الله لهم المغفرة والرحمة (?).

ولا يمكن في مثل هذه الحالات إعطاءُ فتوى عامَّةً لجميع الجنود المسلمين الأمريكان؛ سواء بتغليب الانتماء الديني؛ إذ قد يترتب على ذلك ضرر أكبر، أو بتغليب الانتماء الوطني، والذي قد يترتب عليه ضرر أكبر أيضًا، والضرران متقاربان جدًّا، وهما تعريض الإنسان المسلم لقتل أخيه المسلم، أو لقتل نفسه. إذن لا بد من البحث عن حَلٍّ ثالث بين الأمرين، وهذا الحل الثالث قد يختلف بين جنديٍّ وآخرَ، بحسب ظروفه وقوة إيمانه، والله أعلم (?).

ومثل هذه المآلات تدعو إلى مراجعة أهل الفتيا المرخِّصَةِ لمزيد من التقييد والإحكام.

وأخيرًا فإن الذي يظهر بعد عرضِ أدلةِ المختلفين وردِّها إلى الكتاب والسنة والمقاصدِ المرعِيَّةِ المعتَبَرَةِ أن القول بالتفريق بين التجنس وأنواعه، والتفصيل في أحكامه هو الأرجح دليلًا، والأهدى سبيلًا في هذه النازلة.

فَمَنْ تجنس رغبةً في الكفر وأهله، وتحسينًا لدينهم وملَّتِهم ورضًا بأحكامهم وشرائعهم فهو منهم، لا يختلفُ في رِدَّتِهِ عالمانِ، ولا ينتطحُ في كفره عنزانِ.

وأمَّا مَنْ أقبل على مفاسدهِ وعانقَ مآثمَهُ لمجرد التوسعِ في شهواتِهِ، والرغبة في ملذاته، فهو مرتكب لكبيرة من الكبائر، وعلى خطر في دينه عظيم، ويصح فيه أنه استحب الحياة الدنيا على الآخرة، وقد قال سبحانه: {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015