بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106]، وقال سبحانه: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28].
ولكن لا بُدَّ أن تُقَدَّرَ الضرورة بقدرها بعد تَحَقُّقِ كونِهَا ضرورةً ملجِئَةً وتَعَيَّنَ التجنسُ مزيلًا لها، بشرط أن لا تذوبَ شخصيته في شخصية الكفار، وأن يأمنَ على نفسه وأهله وأولاده الفتنةَ، وأن يستشعرَ انتماءَهُ للإسلام وأهلِهِ، وينويَ الرجوع إلى بلاد المسلمين متى زالَ عذره، وأن ينكر المنكرات بقلبه، إن لم يمكنه ذلك بيده ولسانه، وأن يتخيرَ البلد الذي يستطيع فيه إظهارَ دينه بلا غضاضة عليه، وأن لا تكون بلاد الإسلام بحاجة إليه.
3 - أن يتجنس المسلم لتحقيقِ مصالحَ كليَّةٍ كبرى للإسلام وأهله، كالدعوة إلى الله، وتحصيل علوم ضرورية يحتاجها المسلمون، ولا يمكن تحصيلها بدون ذلك، مع أمنِهِ على نفسه ودينه وأهله وولده، وانتفاء المفاسد التي ذكرناها آنفًا في حقِّهِ، أو في حقِّ أهله؛ فهذا باب يَسُوغُ فيه النظرُ والاجتهاد والموازنة بين المصالح والمفاسد {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220]، والله عند قلب المرء ولسانه، ولا يخفى عليه شيء من أمره. والله تعالى أعلم.
وهذه الصورة من التجنس قد تلحق بالتجنس الاختياري ظاهرًا، ولكنها من الاضطراري حقيقةً وحكمًا، في حين أن الصورتين الأُولَيَينِ من التجنس الاضطراري من غير خلاف والله أعلم!