الإلحاد الجارفة في أقطار المعمورة الناظرة إلى الإسلام بعين الحط
والإزدراء يغلب على الظن ويخاف خوفاً شديداً أنها بقوة مغناطيسها الجذابة
التي جذبت غير هذه البلاد من الأقطار من نظامها الإسلامي التي توارثته
عشرات القرون إلى النظام الوضعي الذي شرعه الشيطان على ألسنة أوليائه
ستجذب هذه البلاد يوماً ما إلى ما جذبت إليه غيرها من الأقطار التي فيها
مئات العلماء كمصر لضعف الوازع الديني في الأغلبية الساحقة من شباب
المسلمين وكون الثقافة المعاصرة من أعظم الأسباب للانتقال إلى القوانين
الوضعية فجميع الملابسات العالمية معينة على الشر المحذور إلا ما شاء
الله ولا سيما إن كنت هيئة كبار العلماء قد يقال أنها ابتدأت وضع الحجر
الأساسي لذلك بالرضا بالانتقال عما توارثته الأمة جيلاً بعد جيل إلى وضع
نظام شرعي ديني في مسلاخ نظام وضعي بشري شيطاني وليس هذا من
الأمور الدنيوية البحتة التي تؤخذ عن الكفار لأنه أمر قد يقال: إنه ذريعة
إلى أعظم فساد ديني مع أن اختلاف بعض القضاة في بعض المسائل
المتماثلة أمر موجود من عهد الصحابة إلى اليوم ولم يستلزم مفسدة عظيمة،
والقضاة المختلفون في المسألة الواحدة في هذه البلاد يلزم رفع اختلافهم
إلى هيئة تمييز من أمثل من يوثق بعلمه وعدالته وربما رفع بعد ذلك إلى
هيئة قضائية عليا، فالمفاسد اللازمة له في النظر الصادق قد تكون أقل شيئاً
مما يقال، وقد يقول المخالف أيضاً:
إن التدوين المذكور سن به فاعلوه التغيير لمن يأتي بعدهم لأنهم
بتدوينهم ألفوا أقوال أهل العلم المخالفة لما دونوا وذلك يدعو لصرف النظر
عن أصولها ومداركها الشرعية، فالذين يأتون بعدهم يوشك أن يقولوا:
هؤلاء الذين دونوا تركوا أقوالاً قالها من هو أعلم منهم وأقدم زماناً، وسنفعل
معهم مثل ما فعلوا مع غيرهم فسيكون ذلك طريقاً إلى التغيير والتعديل،