عن غياهب الظلمات وأبان طريقه المستقيم من بين تلك الطرق الجائرات،
وأراه بعين قلبه ما كان عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه مع ما عليه أكثر الخلق
من البِدَع المضلات، رفع له علم الهداية فشمر إليه، ووضح له الصراط
المستقيم فقام واستقام عليه، وطوبى له من وحيد على كثرة السكان،
غريب على كثرة الجيران، بين أقوام رؤيتهم قذَى العيون، وشَجَى
الحلوق، وكرب النفوس، وحُمَّى الأرواح وغم الصدور، ومرض القلوب،
وإن أنصفتهم لم تقبل طبيعتهم الإنصاف، وإن طلبته منهم فأين الثريّا من
يد الملتمس، قد انتكست قلوبهم، وعمي عليهم مطلوبهم، رَضُوا
بالأماني، وابتلوا بالحظوظ، وحصلوا على الحرمان، وخاضوا بحار العلم
لكن بالدعاوي الباطلة وشقائق الهذيان، ولا والله ما ابتلت من وَشَلِهِ
أقدامُهم، ولا زكت به عقولهم وأحلامهم، ولا ابيضت به لياليهم وأشرقت
بنوره أيامهم، ولا ضحكت بالهوى والحق من وجوه الدفاتر إذ بُلّتْ بمداده
أقلامهم، أنْفَقُوا في غير نفائس الأنفاس، وأتعبوا أنفسهم وحيروا من خلفهم
من الناس، ضيعوا الأصول، فحرموا الوصول، وأعرضوا عن الرسالة،
فوقعوا في مَهَامه الحيرة وبيداء الضلالة.
والمقصود أن العصمة مضمونة في ألفاظ النصوص ومعانيها في أتم
بيان وأحسن تفسير، ومَنْ رام إدراك الهدى ودين الحق من غير مِشْكَاتها فهو
عليه عسير غير يسير ". انتهى.
هذا من حيث المحذور من تشابك المعاني، أما من حيث وضعها
اللغوي فهي مشتقة من " القانون " وهو كلمة دخيلة كما في كتب اللغة من
القاموس والمحيط وغيرهما.
ولهذا فإن بعض من جهدوا في بحث هذه النازلة وسموها بلفظ