فهذا أمر إذاً لا يمكن تقنين جزئياته والإلزام بها. ثم العرف أيضاً قد يتغير
من زمان لآخر، لهذا فقد نص العلماء رحمهم الله تعالى على أن المسائل
التي حصل فيها الكلام في مدوناتهم بناءً على العرف، أن الأصل فيها
بناؤها على العرف، والتفصيل بناءً على عرف زمانهم آنذاك، فيتغير ذلك
بتغيره، كما في أحكام إحياء الموات وغيره. وقد فصل أحكام العرف:
ابن عابدين في رسالته: " نشر العَرف في بناء بعض الأحكام والتصرفات
على العُرْف " (?) .
والنتيجة، أن هذا مما لا يمكن تقنينه إلزاماً به بحال. وتقنينه بإرجاع
كل قاض إلى عرف بلده تحصيل حاصل. إذاً فماذا صنع التقنين الملزم
به في جل مادة مواده؟ .
يقول الأستاذ علال الفاسي في كتابه " دفاع عن الشريعة " (?) : (فإذا
اعتبرنا هذا الرأي الذي ساد في المذاهب الفقهية من علم وتقنية القانون
الإيجابي، عرفنا سلامة الطرق الإسلامية التي اتبعت في الصدر الأول:
وهي التدوين مع عدم اعتباره كقانون إيجابي، بل اعتبار مصادر التشريع
التي استمد منها على أنها مجموعة مصادر ومبادئ أساسية ينكشف منها
المجهول.. عن طريق الاجتهاد الذي ظل مفتوحاً أمام المفتي والقاضي.
هذا الاجتهاد الذي يعتبر العرف، والظروف الاجتماعية، وتقلبات الحياة
الإنسانية، ويراعى مصالح الفرد والجماعة) . انتهى.
12- إنه في البلدان التي يحكم فيها بالقوانين الوضعية والتي قيل فيها