فقه النوازل (صفحة 6)

وهذا من معاقد الإسلام؛ والحاكم بنقيضه أي على خلاف ما أنزل الرحمن

موصوف بالفسق، والظلم، والكفران فلا تستقر لعبدٍ إذاً قدم في الإسلام

إلا إذا عقد قلبه على تحكيم شرع الله ودينه في كل شئونه وعلاقاته.

وما أحسن ما قاله الإمام شمس الدين ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى

في فاتحة كتابه " الصواعق المنزلة على الجهمية والمعطلة " إذ يقول: (?)

(واعلم أنه لا يستقر للعبد قدم في الإسلام حتى يعقد قلبه على أن

الدين كله لله، وأن الهدى هدى الله وأن الحق دائر مع الرسول وجوداً

وعدماً، وأنه لا مطاع سواه، ولا متبوع غيره، وأن كلام غيره يعرض على

كلامه؛ فإن وافقه قبلناه، لا لأنه قاله. بل لأنه أخبر به عن الله ورسوله،

وإن خالفه رددناه، ولا يعرض كلامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على آراء القياسيين، ولا على

عقول الفلاسفة والمتكلمين، ولا أذواق المتزهدين، بل تعرض هذه كلها

على ما جاء به، عرض الدراهم المجهولة على أخبر الناقدين، فما حكم

بصحته فهو منها المقبول، وما حكم برده فهو المردود) .

فلما كانت هذه النازلة من الأهمية بهذه المنزلة لهجت ألسنة العلماء

في بحثها، وتناولتها أقلام الكاتبين بين القبول والرد؛ باحثين: هل يجوز

الإلزام بمذهب معين أو قول مقنن لمن يتولى القضاء الشرعي، أو بلسان

العصر: لمن يتولى منصب الحاكمية؟؟ .

وقد تكاثرت البحوث فيها تبعاً واستقلالاً، وقوةً وضعفاً. غير أنه قد

صار من الضغث على إبالة؛ أن بعض الأبحاث المعاصرة في هذه النازلة

إضافة إلى ضعف مادتها، أجرى عرض الخلاف على وجه ليس محلاً

للخلاف: بمعنى هل يجوز التقنين أو لا يجوز؟ .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015