فإذا كان المؤلف يرشد الناس ويعلمهم أمر دينهم وكان هذا التعليم
مشروعاً، وانقطاعه للتأليف يفتقر إلى كسب، وتركه التأليف قد يؤدي إلى
نقص وترك للمشروع فما يبقى للمؤلف نشاطه واستمراره من باب ما لا يتم
المسنون إلا به، لا يتم المشروع إلا به.
وإن كان في هذا نظر، يفتقر إلى إعمال فكر وإظهار فكر، وربما يظهر
أشياء.
11- أن المؤلف بدرجة صانع وتأليفه بمنزلة المصنوع وكل صانع
يملك مصنوعه فكذلك المؤلف يملك تأليفه وحقوقه.
وجه ذلك: أن المؤلف بحكم تحصيله العلمي وابتكاره وإعمال جهوده
بفكره، وبدنه، ووقته وربما ماله فيما يتطلبه ذلك من الرحلة وشراء المصادر
والمراجع وأدوات الكتابة ... كل ذلك جعله بمنزلة صانع يملك صنعته
فيملك مقتضاها وأثرها بما لها من حقوق وانتفاع شرعي ...
12- ومنها على أحد وجهي الخلاف في جواز أخذ الأجرة على
التحديث وامتناع بعض المحدثين من الإذن بالرواية إلا لمن يبذل له
العوض ولم يؤثر ذلك على صدقهم في الرواية أو تزيدهم فيها كما أن ذلك
لم يكن مانعاً من انتشار علمهم وبثه وهذا من أسس المقاصد في حمل
العلم.
وعليه: فإذا جاز أخذ العوض على التحديث ففي التأليف في العلوم
الشرعية المزيجة منها ومن كلام المؤلفين واستنباطهم وابتكاراتهم صار ذلك
أولى بالجواز.
13- أنهم أجازوا أخذ الأجرة على نسخ المصحف، وعن ابن عباس