فقه النوازل (صفحة 420)

وفقه الحديث الأول - حديث رافع بن خديج - يدل على أن كل عمل

الرجل بيده فهو من أطيب الكسب، فكل عمل مباح يعمله الرجل بيده فهو

من أطيب الكسب.

فإذا كان هذا في المباحات كالاحتطاب والبيع والشراء في الأقوات

وتحصيلها، ونحو ذلك فما بالك بالمسنونات إذا صلحت فيها النية، ثم ما

شأن عمل الرجل بيده في تحصيل فروض الكفاية؟ ثم ما منزلة عمل الرجل

يده في فروض الأعيان كالجهاد العيني وما يرجع به الغازي من مغانم؟

فكل هذا من الكسب الطيب إذا صلحت النية في المشروع، فإذا كانت

اليد تعمل في تحصيل المسنونات، وفروض الكفايات ألا يكون ذلك من

أطيب الكسب، وأنفعه، وأكثره تعدياً؟؟ .

وقد يقال إن المشروعات يجب أن تكون خالصة، والتأليف في علوم

الوحيين يجب أن يخلص من نية الاكتساب أو نحوه.

والجواب: أن النية مصححة العمل في قبوله والإثابة عليه، لا في حل

المال المكتسب أو حرمته، فمن طلب العلم ثم أراد أن ينفع الأمة به،

وقد يتقوى على ذلك بما يكسبه بعلمه، فنيته ليست فاسدة، والمال طيب،

وأصل هذا قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث ابن عباس في الرقية " إن أحق

ما اتخذتم عليه أجراً كتاب الله ".

وفي يوم القيامة أول من تسجر بهم النار ثلاثة: ومنهم قارئ القرآن

فاسد النية. فالنية مفسدة للثواب إذا قارنت العمل من أصله، محبطة له،

لكن الكسب مع صلاح النية كيف يقال أنه خبيث؟ والله أعلم.

وفي الحديث الثاني ما في الأول، وزيادة: " إن أولادكم من كسبكم "،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015