أدلة الجواز:
أدلة المجيزين لأخذ العوض على القُرَب هي أدلة المجيزين لاعتياض
المؤلف عن مؤلفه وهي مع ما يضاف إلى هذه من أدلة كما يلي:
1- إن هذا الحق (حق عيني أصلي مستحق بحكم التكوين والجبلة
وما تولد عنها) . كالشأن في عامة حقوق المرء في تصرفاته التكوينية
والجبلية ببدنه، وحواسه، ومشاعره، وما تولد عن ذلك مثل: نسله ونسل
نعمه، وثمر بستانه، وهكذا.
والتأليف هنا: حق مملوك لمؤلفه بحكم ملكه لرقبة تصرفه في فكره وتولد
تأليفه منه. وإعمال الفكر في التأليف حق يستوي فيه المتأهلون له، لكن
من سبق إلى الإنتاج بإعمال فكره وقلمه فهو من خالص حقوقه. ولو سبق
إلى مخطوط من التراث فقام بتحقيقه وطبعه ونشره فله حق السبق من جهة
وحق إنتاجه الذهني في تحقيقه من جهة أخرى. قال الله تعالى عن
السيارة في قصة يوسف عليه السلام {قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ} فقد بشر
نفسه بأنه ملكه بالالتقاط. وفي الحديث " من سبق إلى ما لم يسبق إليه
مسلم فهو أحق به ".
ولو سبق إلى مخطوط من التراث فقام بطبعه دون تحقيقه وإعمال فكره
فيه فهو بهذا استحق الملك بالإحياء، وفي الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال " من
أحيا أرضاً ميتة فهي له "، وناله أيضا بطباعته فسبق غيره واختص بملكية
الطبع وآثارها. ولو فرض أنه باعه لناشر ونحوه فالحق على ما شرطاه (إذ
المسلمون على شروطهم) . فالتأليف إذاً (ملك محترم) تنسحب عليه
تصرفات الملاك في أملاكهم وذوي الحقوق في حقوقهم من المعاوضات
والانتقالات ببيع وارث ووقف وهبة ونحوها (وليس لعرق ظالم حق) .