الميت للانتهاك، وتسويغ العبث بها.
وأما إن كانت مصلحة الحي حاجية، فإن حرمة الميت واجبة كحرمة
الحي، وهتكها وقوع في محرم. فلا ينبغي خرق الحرمة والوقوع في الحرام
لمصلحة مكملة للانتفاع.
وأما إن كانت ضرورية، والضرورية هنا مفسرة بما تتوقف حياته عليه
كالقلب، والكلى، والرئتين ونحوها من أصول الانتفاع الضرورية.
فهنا يتخرج الجواز عند من قال به، لما يأتي:
1- بالموازنة بين المصالح والمفاسد، والمنافع والمضار، فإن مصلحة
الحي برعاية إنقاذ حياته أعظم من مصلحة الميت بانتهاك حرمة بدنه وقد
فارقته الروح، وأذن به فتفوت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما. ولهذا
نظائر في الفروع المتقدمة عند عدد من أهل العلم من التناول في حال
الاضطرار من: لبن المرأة الميتة، ولحم الآدمي، وشق بطن المرأة الميتة
الحامل إذا كان حملها يضطرب وقد علمت ما فيه، ونبش القبر لمصلحة
حي، وبقر بطن ميت ابتلع مال حي وقد علمت ما فيه أيضاً ... إلخ.
إلى آخر ما تقدم من فروع على قواعد الضرر من أنه يزال، وأن
الضرورات تبيح المحظورات. والله أعلم.
2- وَشُرِطَ إذنه أو إذن ورثته، لأن رعاية كرامته حق مقرر له في الشرع
لا ينتهك إلا بإذنه، فهو حق موروث كالحال في المطالبة من الوارث في
- حدّ قاذفه - ولذا فإن الإذن هو إيثار منه أو من مالكه الوارث - لرعاية حرمة
الحي على رعاية حرمته بعد موته في حدود ما أذن به. ولذا صح ولزم شرط
الإذن منه قبل موته، أو من ورثته جميعهم.