السؤال (118) : فضيلة الشيخ، كيف تزكى الديون التي في ذمم الناس؟

الجواب: الديون التي في ذمم الناس، سواء كانت ثمن مبيع، أو أجرة، أو قرضاً، أو قيمة متلف، أو أرش جناية، أو غير ذلك مما يثبت في الذمة، تنقسم إلى قسمين:

الأول: أن تكون مما لا تجب الزكاة في عينه، كالعروض، بأن يكون عند الإنسان لشخص ما مائة صاع من البر أو أكثر، فهذا الدين لا زكاة فيه، وذلك لأن الزروع أو -الحبوب -لا تجب الزكاة في عينها إلا لمن زرعها.

وأما الثاني: فهي الديون التي تجب الزكاة في عينها كالذهب والفضة، وهذا فيه الزكاة على الدائن، لأنه صاحبه ويملك أخذه والإبراء منه، فيزكيه كل سنة، إن شاء زكاه مع ماله، وإن شاء قيد زكاته وأخرجها إذا قبضه، فإذا كان عند شخص لآخر مائة ألف فإن من له المائة يزكيها كل عام، أو فإن الزكاة تجب على من هي له كل عام. لكن هو بالخيار، إما أن يخرج زكاتها مع ماله، وإما أن ينتظر حتى يقبضها ثم يزكيها لما مضى، هذا إذا كان الدين على موسر باذل، فإن كان الدين على معسر، فإن الصحيح أن الزكاة لا تجب فيه، لأن صاحبه لا يملك المطالبة به شرعاً، فإن الله تعالى يقول: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) (البقرة: 280) ، فهو في الحقيقة عاجز شرعاً عن ماله، فلا تجب عليه الزكاة فيه، لكن إذا قبضه فإنه يزكيه سنة واحدة فقط وإن بقي في ذمة المدين عشر سنوات، لأن قبضه إياه يشبه تحصيل ما خرج من الأرض، يزكى عند الحصول عليه.

وقال بعض أهل العلم: لا يزكيه لما مضى، وإنما يبتدئ به حولاً من جديد. وما ذكرناه أحوط وأبرأ للذمة، أنه يزكيه سنة واحدة لما مضى ثم يستأنف به حولاً، والأمر في هذا سهل، وليس من الصعب على الإنسان أن يؤدي ربع العشر من دينه الذي قبضه بعد أن أيس منه، فإن هذا من شكر نعمة الله عليه بتحصيله.

هذا هو القول في زكاة الديون وخلاصته: أنها ثلاثة أقسام: قسم لا زكاة فيه، وهو ما إذا كان الدين مما لا تجب الزكاة في عينه، مثل أن يكون في ذمة شخص لآخر أصواع من البر، أو كيلوات من السكر أو الشاي أو ما أشبه ذلك، فهذا لا زكاة فيه، فما دام الدين مما لا تجب الزكاة في عينه، فلا زكاة فيه ولو كان عنده مئات الأصواع.

والقسم الثاني: الدين الذي تجب الزكاة في عينه، كالذهب والفضة ولكنه على معسر، فهذا لا زكاة فيه إلا إذا قبضه، فإنه يزكيه لسنة واحدة ثم يستأنف فيه حولاً، وقيل: إنه يستأنف فيه حولاً على كل حال، ولكن ما قلناه أولى لما ذكرنا من التعليل.

القسم الثالث: ما تجب فيه الزكاة كل عام، وهو الدين الذي تجب فيه الزكاة في عينه، وهو على موسر باذل، فهذا فيه الزكاة كل عام، لكن إن شاء صاحب الدين أن يخرج زكاته مع ماله، وإن شاء أخرها حتى يقبضه من المدين.

خرص عروض التجارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015