الجواب: الأراضي التي اشتراها أهلها للتجارة كما هو الغالب ينتظرون بها الزيادة هذه عروض تجارة، وعروض التجارة تقوّم عند حول الزكاة بما تساوي، ثم يخرج ربع الشعر منها، لأن العبرة بقيمتها، وقيمتها من الذهب والفضة، والذهب والفضة زكاتهما ربع العشر، ولا فرق بين أن تكون قيمة هذه الأراضي تساوي قيمة ما اشتريت به أو لا، فإذا قدرنا أن رجلاً اشترى أرضاً بمائة ألف وكانت عند الحول تساوي مائتي ألف، فإنه يجب عليه أن يزكي عن المائتين جميعاً، وإذا كان الأمر بالعكس، اشترها بمائة ألف وكانت عند تمام الحول تساوي خمسين ألفاً فقط، فإنه لا يجب عليه أن يزكي إلا عن خمسين ألفاً، لأن العبرة بقيمتها عند وجوب الزكاة.
فإن شك الإنسان لا يدري: هل تزيد قيمتها عما اشتراها به أو تنقص، أو هي هي، فالأصل عدم الزيادة وعدم النقص، فيقومها بثمنها الذي اشتراها به، فإذا قدرنا أن هذه الأرض التي اشتراها بمائة ألف تساوي عند تمام الحول إن طلبت مائة وعشرين، وتساوي إن جلبت ثمانين ألفاً، وهو متردد، نقول: قومها بما اشتريتها به، لأن الأصل عدم الزيادة والنقص، ولكن يشكل على كثير من الناس اليوم أن عندهم أراضي كسدت في أيديهم، ولا تساوي شيئاً، بل إنهم يعرضونها للبيع ولا يجدون من يشتريها، فكيف تزكى هذه الأراضي؟ نقول: إن كان عند الإنسان أموال يمكن أن يزكى منها - من الأموال التي عنده - أدى زكاتها من أمواله التي عنده، وإن لم يكن عنده إلا هذه الأراضي الكاسدة، فإن له أن يأخذ ربع عشرها ويوزعها على الفقراء إن كانت في مكان يمكن أن ينتفع بها الفقير ويعمرها، وإلا فليقيد قيمتها وقت وجوب الزكاة ليخرج زكاتها فيما بعد إذا باعها.
وتكون هذه الأراضي مثل الدين الذي عند شخص فقير لا يستطيع الوفاء، فالزكاة لا تجب عليه إلا إذا قبضها، أي إلا إذا قبض الدين، والصحيح أنه إذا قبض الدين من مدين معسر، فإنه يزكيه سنة واحدة فقط ولو كان قد بقي سنين كثيرة عند الفقير. ويمكن أن يقال في هذه الأراضي التي كسدت ولم يجد من يشتريها، يمكن أن يقال: إنه لا يزكيها إلا سنة واحدة، سنة البيع، ولكن الأحوط إذا باعها أن يزكيها لكل ما مضى من السنوات، لأن الفرق بينها وبين الدين أن هذه ملكه بيده، والدين في ذمة فقير خربت لكونه أعسر.
تزكية الديون التي في ذمم الناس