الجواب: هذه الفواكه والخضروات لا زكاة فيها، ولكن الإنسان إذا باعها، فإن في ثمنها الزكاة إن بقي حتى تم عليه الحول وكان من النقدين، الذهب والفضة أو ما جرى مجراهما، أما لو باعها بعروض، مثل أن باعها بسيارات أو بأقمشة أو بأواني، فإنه لا زكاة فيها أيضاً ما لم ينو التجارة بما جعله بدلاً، فإن نوى التجارة كانت الزكاة واجبة وجوب زكاة العروض التي سنتكلم عنها إن شاء الله تعالى فيما بعد.
تابع الأصناف التي تجب فيها الزكاة
ومن الأموال الزكوية التي تجب فيها الزكاة: بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، ولكن يشترط لوجوب الزكاة فيها شرطان: الشرط الأول: أن تكون معدة للدر والنسل والتسمين، لا للبيع والشراء.
والشرط الثاني: أن تكون سائمة الحول أو أكثره، يعني أن تتغذى على السوم- وهو الرعي - الحول أو أكثره.
فإن كانت غير معدة للدر والتسمين، وإنما هي معدة للاتجار والتكسب، فهي عروض التجارة، وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى، وإن كانت معدة للدر والتسمين، ولكنها تعلف فإنها لا زكاة فيها، فلو كان عند الفلاح عشرون بعيراً أبقاها للتناسل وللدر والتسمين وللقنية، فإنها لا زكاة عليها في ذلك مادام يعلفها أكثر الحول لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، فيما كتبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه في فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم قال: "في الغنم في سائمتها" (?) . وفي حديث بهز بن حيكم عن أبيه عن جده: " في الإبل في سائمتها" (?) . وهذا يدل على أن غير السائمة ليس فيها زكاة وهو كذلك.
وأما مقدار الزكاة في البهائم - أي بهيمة الأنعام - فإنه يختلف، وذلك لأن الأنصبة في بهيمة الأنعام مقدرة ابتداء وانتهاء، ولكل قدر منها واجب خاص به، فمثلاً في الغنم في كل أربعين شاة شاة واحدة، وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان، فما بين الأربعين إلى مائة وعشرين ليس فيها إلا شاة واحدة، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه، فما بين مائة وإحدى وعشرين إلى مائتين ليس فيه إلا شاتان، ثم في كل مائة شاة، ففي مائتين وواحدة ثلاث شياه، وفي ثلاثمائة وواحدة ثلاث شياه، وفي أربعمائة أربع شياه، وهلم جرا، ولهذا لا يمكن أن نحدد الواجب في بهيمة الأنعام، وذلك لاختلاف الأنصبة ابتداء وانتهاء، ومرجع ذلك إلى كتب الحديث وأهل الفقه.
أما غير السائمة، كالخيل والحمير والبغال، فهذه لا زكاة فيها ولو كثرت، ولو سامت، إذا لم تكن للتجارة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة" (?) .
فلو كان عند الإنسان مائة فرس يعدها للركوب والجهاد وغير ذلك من المصالح، فإنه لا زكاة عليه فيها ولو كانت تساوي دراهم كثيرة. إلا إن كان يتّجر في الخيل، يبيع ويشتري، ويتكسب، فعليه فيها زكاة العروض. هذه ثلاثة أموال تجب فيها الزكاة، النقدان وهما الذهب والفضة، والخارج من الأرض، والثالث بهيمة الأنعام.
الرابع: عروض التجارة، وعروض التجارة هي الأموال التي عند الإنسان يريد بها التكسب، ولا تختص بنوع معين من المال، بل كل ما أراد به الإنسان التكسب من أي نوع كان من المال ففيه الزكاة، سواء كان المال عقاراً، أو حيواناً، أو مملوكاً من الآدميين، أو سيارات أو أقمشة، أو أواني، أو أطياب، أو غير ذلك، المهم كل ما أعده الإنسان للتجارة والتكسب ففيه الزكاة، ودليل ذلك عموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) (24) (لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (المعارج: 24-25) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: "أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم (?) ، فالأصل في الأموال وجوب الزكاة إلا ما دل عليه الدليل، والقول ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (?) .
وصاحب العروض إنما نوى قيمة العروض، ليس له حاجة أو غرض في نفس العروض بدليل أنه يشتري السلعة في أول النهار، فإذا ربحت في آخر النهار باعها، وليس كالإنسان المقتني للسلع الذي يبقيها عنده سواء زادت أم نقصت، فإذن يكون مراد هذا المالك هو القيمة، وهي الذهب والفضة أو ما جرى مجراهما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
ولأننا لو قلنا بعدم وجوب الزكاة في العروض لسقطت الزكاة عن كثير من أموال التجار، لأن غالب أموال التجار التي يتجرون بها إنما هي عروض التجارة.
هذه أربعة أنواع من المال تجب فيها الزكاة، واختلف العلماء في العسل، هل تجب فيه الزكاة أو لا تجب؟ فمنهم من قال لا تجب الزكاة فيه، ومنهم من قال: إنها تجب، واستدلوا بأثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والمسألة عندي محل توقف، والعلم عند الله.
وبناء على ذلك: فإنه لا زكاة على الإنسان فيما يقتنيه من الأواني والفرش، والمعدات، والسيارات، والعقارات، وغيرها، حتى وإن أعده للإجارة، فلو كان عند الإنسان عقارات كثيرة تساوي قيمتها الملايين، ولكنه لا يتجر بها، أي لا يبيعها ويشتري بدلها للتجارة مثلاُ، وإنما أعدها للاستغلال، فإنه لا زكاة في هذه العقارات ولو كثرت، وإنما الزكاة فيما يحصل منها من أجرة أو نماء، فتجب الزكاة في أجرتها إذا تم عليها الحول من العقد، فإن لم يتم عليها الحول فلا زكاة فيها، لأن هذه الأشياء - ما عدا الأصناف الأربعة السابقة - الأصل فيها براءة الذمة حتى يقوم دليل على الوجوب، بل قد دل الدليل على أن الزكاة لا تجب فيها، في قول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس على المؤمن في عبده ولا فرسه صدقة" (?) . فإنه يدل على أن ما اختصه الإنسان لنفسه من الأموال غير الزكوية ليس فيه صدقة، أي ليس فيه زكاة، والأموال التي أعدها الإنسان للاستغلال من العقارات وغيرها لا شك أن الإنسان قد أرادها لنفسه ولم يردها لغيره، لأنه لا يبيعها بل يستبقيها للاستغلال والنماء.
تقدير قيمة الأراضي لإخراج زكاتها