قال: [ومن حصر عن طواف الإفاضة وقد رمى وحلق].
في المسألة السابقة وقف بعرفة لكنه لم يتحلل، إذاً: فإحرامه تام وكل محظورات الإحرام لا تحل له، لأن من وقف بعرفة ولم يرم ولم يحلق لم يتحلل شيئاً من الحل، وعلى ذلك فإنه يذبح هدياً ويحل.
أما هنا فإنه قد رمى وحلق وأصبحت جميع المحظورات حلاً له سوى النساء، فلا تحل له النساء وطئاً ومباشرة وقبلة ومساً، أما سائر المحظورات فإنها تحل له حتى يطوف ويسعى إذا كان متمتعاً ويحل الحل كله.
فهذا الرجل أحصر عن طواف الإفاضة، يعني أنه وقف بعرفة ثم ذهب إلى منى فرمى الجمرة وحلق ولبس ثيابه وتطيب وأراد أن يذهب إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة فمنع وأحصر، فما الحكم؟ قال: [لم يتحلل حتى يطوف]، وعلى ذلك يبقى على هذه الحال حتى يطوف.
وما الفرق بين المسألتين؟ قالوا: الذي جاء به الشرع هو المسألة الأولى، وهي التحلل بالهدي من نسك إحرامه تام، وأما هذا فإن إحرامه ليس بتام، لأنه لا يحرم عليه إلا النساء، وعلى ذلك فيبقى عمره محرماً حتى يطوف في البيت، وعلى هذا سيكون كمسألة الحائض إذا حاضت قبل طواف الإفاضة ولم ينتظرها أهلها، فإنها ترجع وتبقى محرمة يحرم عليها ما يتعلق بالوطء ومقدماته فقط، وأما سائر المحظورات فإنها تحل لها حتى تطوف بالبيت، هذا هو المذهب.
والقول الثاني في المسألة وهو مذهب الشافعية قالوا: بل يهدي ويحل؛ لعموم قوله جل وعلا: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196] ومثله الحائض عندهم، وعلى ذلك يحل لكنه يتم نسكه بعد ذلك فمتى قدر أتم هذا النسك الذي بقي شيء من أركانه.