قال: [ومن شرط في ابتداء إحرامه: إن محلي حيث حبستني، أو قال: إن مرضت أو عجزت أو ذهبت نفقتي فلي أن أحل؛ كان له أن يتحلل متى شاء من غير شيء، ولا قضاء عليه] تقدم شرح هذا بحديث ضباعة بنت الزبير، أنها كانت شاكية فذكرت ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام، فقال: (حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيت) وهذه الزيادة في النسائي كما تقدم، والحديث أصله في الصحيحين سوى هذه الزيادة: (فإن لك على ربك ما استثنيت) وتقدم أن الراجح أن هذا الشرط إنما يصح من الخائف.
إذاً: يقول المؤلف رحمه الله هنا أن من شرط في ابتداء إحرامه أن محله حيث حبس، فإنه يتحلل، كذلك إذا أتى بعبارة أخرى كقوله: إن مرضت أو عجزت أو نحو ذلك.
واعلم أن أصح قولي العلماء خلافاً للمشهور في المذهب، وهو اختيار ابن القيم رحمه الله وطائفة من أهل العلم أن عدم إتمام المحرم نسكه بمانع آخر غير العدو له حكم المنع بالعدو، كضياع نفقة أو مرض أو نحو ذلك، وهذا هو الصحيح، وهذا يدخل في عموم قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196]، بل إن الإحصار في اللغة إنما يكون لمرض ونحوه.
وعلى ذلك فنقول: إذا أحصر بذهاب نفقة أو بمرض أو نحو ذلك فهو كالذي يحصره العدو، ويدل على ذلك ما ثبت عند الخمسة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من كسر أو عرج فليحل، وعليه الحج من قابل).
وعلى ذلك فالراجح أن منع من إتمام نسكه بسبب آخر هو عذر من مرض أو ذهاب نفقة أو نحو ذلك من الأعذار فهو كالذي يمنع بالعدو، هذا هو القول الراجح خلافاً للمشهور في المذهب.
ونقف عند هذا القدر، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.