قال: [ومن حصر عن البيت ولو بعد الوقوف ذبح هدياً بنية التحلل].
يعني: منعه عن البيت عدو ولو بعد وقوفه بعرفة، لكنه لم يرم ويحلق ذبح بنية التحلل.
وتقدم أن التحلل الأول يحصل بنسكين من ثلاثة، وفي حق المتمتع بنسكين من أربعة، وكذلك القارن والمفرد إذا لم يسع عند قدومه، فهذا وقف بعرفة، فيكون قد أدرك الحج، لكنه حصر عن البيت ومنع من دخوله لإتمام نسكه، فما هو الواجب عليه؟ قال: (ذبح هدياً بنية التحلل) أي وحل بذلك؛ لأن الله جل وعلا يقول: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة:196].
ويحلق رأسه أيضاً، وقد جاء في صحيح البخاري: (أن النبي عليه الصلاة والسلام نحر هديه قبل أن يحلق في عمرة الحديبية، وأمر أصحابه بذلك)، وعلى ذلك فيهدي ويحلق، وهذا أحد القولين في المذهب، وهو الراجح من جهة الدليل خلافاً للمشهور في المذهب.
فالمشهور في المذهب أنه لا يحلق رأسه، والذي في الإقناع أنه يحلق، وهو أحد القولين في المذهب وهو أصح.
قال: [فإن لم يجد صام عشرة أيام بالنية وقد حل] إذا لم يجد هدياً فالواجب عليه أن يصوم عشرة أيام، قالوا: قياساً على الهدي، وتقدم أن الراجح في هذه المسألة أنه لا يجب عليه الصيام، بل إذا لم يجد هدياً فلا شيء عليه، وذلك لأن قياس دم الإحصار على دم الهدي قياس مع الفارق، فإن دم الإحصار دم يذبح لترك النسك والتحلل منه، ودم الهدي دم يذبح لكمال النسك وتمامه وتحصيله، فهذا قياس مع الفارق.
فالقول الثاني في المسألة وهو مذهب المالكية كما تقدم أنه لا يجب عليه الصيام، بل إذا لم يجد هدياً تحلل، ولأن في تكليفه أن ينتظر عشرة أيام حتى يتحلل مشقة.