بإمرة محمد (ص)، لقد كانوا قبل سنتين جميعا معه في الأحزاب، وها هم اليوم مع رسول الله (ص)، حتى رفيق دربه خالد بن الوليد هو اليوم قائد من قادة جيش محمد (ص). ولكن أكثر ما هاله وأفظعه كتيبة الأنصار.
(قال: من هؤلاء يا عباس الذين كأنهم حرة سوداء؟ قال: هذه الأنصار عندها الموت الأحمر. فقال أبو سفيان: سر يا عباس، فلم أر كاليوم صباح قوم في ديارهم) (?).
ولا غرابة بعد هذه المراحل الأربعة التي مر بها أن يمضي إلى مكة، لا ليجهز جيشا يواجه محمدا به، بل ليدعو قومه إلى الدخول إلى بيوتهم، إن كانوا حريصين عى حياتهم، ويسفه كل من يفكر بالمواجهة، وهو الذي أمضى عمره في حرب النبي صلوات الله وسلامه عليه:
(ثم انطلق فلما أشرف على مكة نادى - وكان شعار قرش - يا آل غالب: أسلموا تسلموا. فلقيته امرأته هند، فأخذت بلحيته، وقالت: يا آل غالب، اقتلوا الشيخ الأحمق، فإنه صبأ. فقال: والذي نفسي بيده لتسلمن أو ليضربن عنقك) (?).
أو قوله: (ويحكم لا تغرنكم هذه عن أنفسكم، فإنه قد جاءكم