يرى داعيا، حتى لمراقبة هذا اللقاء، وكانت أم حبيبة محل ثقة رسول الله (ص) بل بلغ بها الأمر أن تطوي فراش رسول الله (ص) وتحول بينه وبين الجلوس عليه، لأن أباها مشرك نجس، ولا يمس فراش رسول الله (ص) إلا طاهر.
وكانت محاولات أبي سفيان المضنية ليس مع ابنته فقط، بل مع ابنة محمد (ص) فاطمة، وابنيها الحسن والحسين، وصهري رسول الله (ص) علي وعثمان، ووزيري رسول الله أبي بكر وعمر ..
لقد كان يلقى جوابا واحدا لا يتغير مع الصغير والكبير والذكر والأنثى (ما كنت لأفتات على رسول الله (ص) بأمر) وعاد مخفقا من مهمته أن يتمكن من تجديد العهد وزيادة المدة. وكما تجاهل عذر قريش، تجاهله عليه الصلاة والسلام ليحقق الهدف الذي يريد في غزو مكة دون علم أهل مكة، الذين غدروا بالعهد ونقضوه، ولعل الجدال مع أبي سفيان يثير انتباهه إلى احتمال الغزو.
وبرزت عظمة الصف الإسلامي الملتحم مرة ثانية، وأبو سفيان رهينة بيد المسلمين (فما كان عند صلاة الصبح وأذن المؤذن، تحرك الناس فظن (أبو سفيان) أنهم يريدونه. قال: يا عباس ما شأن الناس؟ قال: تحركوا للمنادي للصلاة، قال: فكل هؤلاء، إنما تحركوا لمنادي محمد (ص)؟ قال: نعم. فقام العباس للصلاة وقام معه. فلما (فرغوا قال: يا عباس: ما يصنع محمد شيئا إلا صنعوا مثله؟ قال: نعم، ولو أمرهم أن يتركوا الطعام والشراب حتى يموتوا جوعا لفعلوا.