لقد كان حضور سلمان الفارسي رضي الله عنه غزوة الخندق أول حضور عسكري له مع النبي (ص)، وكان حضوره في الوقت المناسب حيث عاش المشكلة الضخمة التي تواجه المسلمين، وقدم خبرته بهذا الصدد، فيما كان يفعله الفرس إذا دهموا من عدو. ولم يكن سلمان رضي الله عنه من قادة المسلمين الكبار من المهاجرين والأنصار، وكان قبل قليل مولى لرجل من يهود، لكن الخبرة تؤخذ من مظانها، فالفرس أمة عريقة في القتال والحرب والمواجهة، فلا بد أن يستفيد المسلمون من هذه الطاقات والخبرات.

واستفاد النبي (ص) من هذه الخبرة فطورها إلى أعلى مستوياتها، لقد راد المدينة مع القيادات حوله، واختار الموقع المناسب، وتمت مباشرة تهيئة الوسائل الناقصة من حلفائهم بني قريظة وتم توزيع المهمات على المهاجرين والأنصار، وتحددت الجزئيات كلها، حتى في عمق الحفر ومسافته. وابتدأ التنفيذ على الفور. وهذه هي الإيجابية الفذة في التعامل مع الطاقات والخبرات. وشهد العدو مباشرة بالكفاءة الإسلامية، وبالتفوق النوعي للمسلمين. وقالوا: إن هذه المكيدة ما كانت العرب تكيدها.

وأحبطت هذه الخطة عتاوة الهجوم الشرس على المسلمين من العدو اللدود.

3 - وحين تبذل الطاقة البشرية كلها جهدا، ومالا وقوة في الدفاع والذود عن الدين، ثم تنقص الوسائل، فالله تعالى هو الذي يرعى جنده وأحبابه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015