كل بيت .. ثم يقال: هذا هو الإسلام! ولقد قيلت حتى والإسلام يأمر بالكف عن القتال! فقد كانت دعاية قريش في الموسم، في أوساط العرب القادمين للحج والتجارة .. إن محمدا يفرق بين الولد وولده، فوق تفريقه لقومه، وعشيرته! فكيف لو كان كذلك يأمر الولد بقتل الوالد، والمولى بقتل المولى في كل بيت كل محلة؟

(د) وربما كان ذلك أيضا، لما يعلمه الله من أن كثيرا من المعاندين الذين يفتنون أوائل المسلمين عن دينهم ويعذبونهم ويؤدبونهم، هم بأنفسهم سيكونون من جند الإسلام المخلص، بل من قادته، ألم يكن عمر بن الخطاب من بين هؤلاء؟!

(هـ) وربما كان ذلك أيضا لأن النخوة العربية، في بيئة قبلية من عاداتها أن تثور للمظلوم الذي يحتمل الأذى ولا يتراجع، وبخاصة إذا كان الأذى واقعا على كرام الناس فيهم، وقد وقعت ظواهر كبيرة تثبت صحة هذه النظرة في هذه البيئة، فابن الدغنة لم يرض أن يترك أبا بكر - وهو رجل كريم - يهاجر ويخرج من مكة، ورأى في ذلك عارا على العرب!

وعرض عليه جواره وحمايته .. وآخر هذه الظواهر نقض صحيفة الحصار لبني هاشم في شعب أبي طالب، بعدما طال عليهم الجوع واشتدت المحنة، بينما في بيئة أخرى من البيئات ذات الحضارة القديمة التي مردت على الذل، قد يكون السكوت على الأذى مدعاة للهزء والسخرية والاحتقار من البيئة، وتعظيم الظالم المعتدي!

(و) وربما كان ذلك أيضا لقلة عدد المسلمين حينذاك، وانحصارهم في مكة، حيث لن تبلغ الدعوة إلى بقية الجزيرة، أو بلغت أخبارها متناثرة، حيث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015