واحد دوره في المخطط الكبير الذي يقف وحده على كل تفاصيله مع وزيره أبي بكر رضي الله عنه، ويرضى عليه الصلاة والسلام لعملية الهجرة ثاني اثنين فقط .. أبو بكر الصديق .. وهو مع كهولته، تتصاغر الشباب والرجال أمام همته، فهو الذي يحرس الطريق من الأمام والخلف، وهو الذي يرتاد المنزل ويهيىء المقيل، وهو الذي يصرف الطلب بقوله: هاد يدلني الطريق، وهو الذي يهيىء الزاد، ولا يقدمه لرسول الله (ص) حتى يستيقظ، وهو الذي يظلل رسول الله (ص) حين تلفحه الشمس، وهو كما قال عمر رضي الله عنه (والله لليلة من أبي بكر خير من آل عمر، وليوم من أبي بكر خير آل عمر) وهو يعني ليلة الغار، ويكفي أنها نزلت في كتاب الله عز وجل: {... ثاني اثنين إذ هما في الغار ..} وهو الذي يبكي وقد رأى الطلب، ويقول: أما والله ما على نفسي أبكي، ولكن أبكي عليك.
...
وإن أي دعوة إلى الله تعالى تقوم، لا بد أن يكون عمادها ودمها عنصر الشباب الحي المضحي، الذي يرتاد المخاطر ويقتحم الصعاب، ويستسهل المشاق، ويتلذذ بالجهاد، لا يعرف الخوف أو الخور أو الوهن سبيلا إليه، ولا يقل دور الفتاة المسلمة عن دور الفتى المسلم، فقد رأيناها شريكة في البيعة، شريكة في الهجرة، شريكة في الجهاد، شريكة في الإعداد، شريكة في الائتمان على السر.
ولكن هذا كله، إنما يتم ضمن المخطط الواعي الذي يضع اللبنة في مكانها الأصيل، ويضع الحدود والمعايير للاستفادة من كل طاقة، ومن كل إمكانية في عملية التنفيذ العملي لإقامة شريعة الله في الأرض.