فالعام الثاني إذن لم تطرح فيه قضية الحماية والنصرة، فليس في الأفق ما يدل على ذلك واثنا عشر رجلا لا يحمون دعوة ولا داعية، في بلد تعج باليهود، وتضطرب بالصراع والخصومات، واكتفى رسول الله (ص) بإسلامهم وبيعتهم على الإسلام بيعة النساء، دون أية مسؤولية.
إنه مهما كانت المهام أمام الدعاة إلى الله، فلا يجوز أن ينسوا أنهم دعاة إلى الله، وأن انضمام أي فرد إلى هذا الدين هو كنز عظيم وربح كبير ((لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم)) (?).
ومن أجل ذلك، فلا يجوز أن يتحول الداعية إلى رجل سياسة فقط، أو رجل حرب يسعى ليحكم، وانتهى الأمر، فمهمته في الدعوة مرافقة له طيلة حياته، وهذا ما قبله رسول الله (ص) من رجال العقبة الأولى.
لكن أصبح لرسول (ص) موطىء قدم في المدينة، بهؤلاء الأفراد الذين انضموا لهذا الدين، ولا بد له من أن يستفيد من هذه الظروف الجديدة، وهذا الموقع الجديد، ولن يكتفي بدراسة الأمر من قبلهم ولن يغامر بنفسه إلى هناك.
وكما كانت مسؤولية جعفر رضي الله عنه في الحبشة، كان مسؤولية مصعب بن عمير في المدينة (فلما انصرف القوم بعث رسول الله (ص)