وإنما راجعه عمر مراجعة عظيمة لعله أن يوافق على القتال فلم يوافق - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فجعل الله ذلك فتحا مبينا لما فيه من المصالح العظيمة، فكان بعض الصحابة يسمي يوم الحديبية بيوم أبي جندل؛ لما حصل لهم من الغيظ العظيم برد أبي جندل إلى المشركين، وقد جاء مسلما معذبا من المشركين، وبما حصل من شروط الصلح المذكورة (?).
خامسا: أهمية الاستدلال بالأدلة الشرعية: ظهر في هذا الحديث أهمية الاستدلال بالأدلة الشرعية؛ لأمرين:
الأمر الأول: أن «عمر رضي الله عنه عندما راجع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في صلح الحديبية فقال له رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يا ابن الخطاب، إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا "، ثم نزلت سورة الفتح فقرأها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على عمر إلى آخرها، فقال عمر: يا رسول الله، أَوَ فتح هو؟! قال: " نعم ".»
الأمر الثاني: أن سهل بن حنيف استدل بصلح الحديبية على صلح يوم صفين فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اتهموا رأيكم فلقد رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع أن أرد على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمره لرددت والله ورسوله أعلم». (?) وهذا يؤكد للداعية أهمية الاستدلال بالأدلة الشرعية (?).
سادسا: من أساليب الدعوة: الحوار: لقد دل هذا الحديث على أسلوب الحوار الهادئ النافع؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حاور عمر بن الخطاب حتى أقنعه قناعة تامة، وذلك أن عمر رضي الله عنه قال للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يا رسول الله، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ فقال: " بلى "، فقال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: "بلى"، فقال: فعلام نعطي الدنية في