الأمير يوسف بن تاشفين فى المغرب وجده قد حقق فتوحات عظيمة، ووحَّد البلاد, وقضى على الفساد، وأزال الظلم ونشر العدل، فتنازل عن الإمارة لابن عمه يوسف بعد أن أوصاه بتقوى الله وذكَّره قدومه على الله، ثم ودَّعه, ودخل فى الصحراء الكبرى بجيشه الداعى إلى رضوان الله وصراطه المستقيم وأكرمه الله بالشهادة فى قلب الصحراء الكبرى.

10 - تولَّى أمير المرابطين الأمير يوسف بن تاشفين؛ فنظم المدن, وأرسى نظم الحكم, وخطَّط للدولة المرابطية، فشرع فى إنشاء دواوينها ومجالسها وإداراتها وجيوشها, ووضع الأمراء والفقهاء والقضاة على المدن والقرى، وأشرف على تنفيذ أحكام الله، وأثبتت الأيام والحروب والمحن التى مرَّ بها على أنه قائد عسكرى وسياسى مِن الطراز الأول, وأحبه المرابطون والتفوا حوله وتطايرت الركبان فى نشر سيرته وعدله وأحبه المسلمون.

11 - أصاب المسلمين فى الأَنْدَلُس أضرار جسيمة بسبب خنوع ملوك الطوائف للنصارى وضعفهم فى الحكم، مما عرض ممالك الأَنْدَلُس لأطماع النصارى الحاقدين الذين جاسوا خلال الديار فى الأَنْدَلُس يقتلون ويذبحون ويسبون, وأصبحت ممالك الأَنْدَلُس الإسلامية تتساقط فى أيديهم مدينة بعد مدينة، وقرية إثر قرية، وحصنًا خلف حصن، وركب المسلمين فزع عظيم فاضطرَّ ملوك الطوائف أن يطلبوا الغوث والنصر مِن الأمير الربانى والقائد الميدانى يوسف بن تاشفين، وكان قرار حُكَّام الأَنْدَلُس فى استدعاء يوسف حكيمًا وتبَّناه الملك المعتمد ابن عباد بكل ما يملك من حجة وقوة، ولما قالوا للمعتمد سيضم الأمير يوسف إليه الأَنْدَلُس، فقال قولته المشهورة التى أصبحت مثلاً رائعًا على مرِّ العصور وكرِّ الدهور تتعلم منه الأجيال الوفاء لدينها والولاء لعقيدتها حيث قال: «رعى الإبل ولا رعى الخنازير»، وقال المعتمد لابنه: إن استدعاء الأمير يوسف أمر يرضى الله تعالى، ولن أكون أبدًا سببًا فى ضياع ديار المسلمين.

12 - استجاب الأمير يوسف لدعوة إخوانه فى العقيدة, وعرض الأمر على أهل مشورته؛ وتحصل على موافقة العلماء والفقهاء ورجال الدولة المرابطية، وحرك كتائب المرابطين بفرسانها الشجعان وجنودها الأبطال وعبر المضيق، وقاد الأمير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015