ولا تُقم بمكان لا تُصيبُ به ... نصحًا ولو كنت بين الظل والشجر

فإن «موسى» كليم الله أعوزهُ ... علم تكسَّبَهُ فى صحبة الخضر (?)

ومن شعره فى الأشواق ما نظمه من أبيات واصفًا فيها شوقه وحنينه لزيارة المدينة المنورة فقال:

يا دار خير المرسلين ومَن به ... هدى الأنام وخُصَّ بالآياتِ

عندى لأجلك لوعة وصابة ... وتشوقٌ متوقدُ الجمرات

وعليَّ عهدٌ إن ملأت محاجري ... من تلكم الجدران والعرصات

لأعفرنَّ مصونَ شيبى بينها ... من كثرة التقبيل والرَّشقات

لولا العوادى والأعادى زرتها ... أبدًا ولو سعيا على الوجنات (?)

لكن سأهدى من جميل تحية ... لقطين تلك الدار والحُجُراتِ

أذكى مِن المسك المفتق نفحةً ... تغشاه بالآصال والبُكرات

وتخصه بزواكى الصلوات ... ونَوامى التسليم والبركات (?)

وله أبيات يصف فيها نفسه وشوقه إلى وطنه قالها فى مدينة «داي» ببلاد المغرب سنة 541هـ، وكان قد ناهز الخامسة والستين مِن العمر، وكان مرغمًا على البقاء فيها ممنوعًا للرجوع إلى بلاده فى زمن دولة المُوَحِّدِين.

يعلم الله وأنا أمر على هذه الأبيات التى فجرت الأحزان فى نفسي، وألهبت مشاعرى وهيجت الأشواق إلى مدينتى «بنغازي» ومنطقتى «الحدائق»، وذكرتنى ببلادى العزيزة ليبيا ما تملكت دموع الشوق إلى مسقط رأسى الذى طالت مدة غيابى عليه أكثر من أربعة عشر عامًا نصفها مسجونًا فى بلادي, والنصف الآخر قضيتها متنقلاً بين البلدان، ولم تكن تهمتى التى كلفتنى هذه العقوبة القاسية التى أحتسبها عند الله إلا أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015