تشوفُ إخوانٍ وفقدُ أحبةٍ ... وأعظمها يا صاح سُكنى الفنادق
وكثرةُ إيحاشٍ وقلةُ مؤنسٍ ... وتبذيرُ أموالٍ وخيفةُ سارق
فقد كان ذا دهرًا تقادم عهده ... وأعقبه دهر شديدُ المضايق
فهذه مقالى والسلام كما بدا ... وجرِّب ففى التجريب علمُ الحقائق (?)
وهذه فلسفة غريبة فى الأسفار أخالف القاضى عياض - رحمه الله - فيها، إلا أنَّنى أقول إن الإنسان فى أسفاره العلمية أو التجارية عندما يقضى مآربه عليه أن ينتقل إلى غيرها, حتى يحقق أهدافه ويرجع إلى وطنه وقومه غانمًا سالمًا مفيدًا لأهله وشعبه, وقد ذكر العلماء فى الأسفار فوائد فقال الشافعى رحمه الله:
تغرَّب عن الأوطان فى طلب العلى ... وسافر ففى الأسفار خمسُ فوائد
تفرج همِّ واكتسابُ معيشةٍ ... وعلمٌ وآداب وصحبةُ ماجدٍ (?)
وقال الإمام الشافعى فى الاغتراب أيضًا:
ما فى المقام لذى عَقلِ وذى أدبِ ... من راحةٍ فَدَعِ الأوطان واغتربِ
سافر تجد عوضًا عمن تفارقه ... وانصب فإن لذيدَ العيش فى النصب
إنِّى رأيت وقوف الماء يفسده ... إن ساح طاب وإن لم يجرِ لم يطبِ
والأسدُ لولا فراقُ الأرض ما افترست ... والسهمُ لولا فِراقُ القوسِ لم يُصب
والشمسُ لو وقفت فى الفلك دائمة ... لملَّها النَّاس من عُجم ومن عرب (?)
وكان مِمَّن عاصر القاضى عياض العلامة الشيخ يعلى أبو جبل, وكان له رأى يخالف رأى القاضى عياض فى السفر نظمه فى هذه الأبيات:
سافر لتكسب فى الأسفار فائدة ... فَرُبَّ فائدةٍ تُلقى مع السفر