وتصدَّر فى زمن على بن يوسف فى نشر الكتاب والسنة فى مرسية بالأَنْدَلُس, وتوافد عليه الطلاب من كل حدب وصوب لينهلوا من علمه الجم الغزير, ونفع الله به المسلمين فى تلك الأقطار.
ب- وفاته:
استشهد أبو على الصدفى فى وقعة قُتُنْدَة بثغر الأَنْدَلُس، لست بقين من ربيع الأول، وهو مِن أبناء الستين، وكانت هذه الوقعة على المسلمين, وكان عيش أبى على من كسب بضاعة مع ثقات إخوانه (?).
انظر رحمك الله إلى هذا الطوَّد الشامخ، والجبل الراسخ، والبحر الزاخر فى حبه لطلب العلم ونشره، والدعوة إلى دينه والدفاع عنه، وحبه للجهاد والرِّباط، وحرصه على أكل الحلال، والتحرى فى لقمة العيش، والاستعلاء على الدنيا وزخارفها الكاذبة، ويا تُرَى كم نفس أحياها خبر استشهاد هذا العالم الفقيه الزاهد، وكان - رحمه الله - يتذوَّق الشعر الذى فيه الذَّود عن سنة سيِّد المرسلين, ويكتبه لتلاميذه, منه ما قال أبو عبد الله مُحَمَّد بن على الصورى لنفسه:
قل لمن أنكر الحديث وأضحى ... عائبًا أهله ومن يدعيه
أبعلم تقول هذا؟ أين لي ... أم بجهل فالجهلُ خُلُقُ السفيه
أيُعاب الذين هم حفظوا الدِّين ... من الترهات والتمويه؟
وإلى قولهم وما قد رَوَوْه ... راجعٌ كلُّ عالم وفقيه (?)
ثالثًا: القاضى الفقيه أبو بكر بن العربي:
من أعظم فقهاء الأَنْدَلُس فى عصر المرابطين، هو القاضى أبو بكر مُحَمَّد بن عبد الله ابن مُحَمَّد المعافرى الأَنْدَلُسي، الإشبيلي, الإمام العلامة، المتبحر فى العلوم.
ولد عام 468هـ/1076م وتأدَّب ببلده، وقرأ القراءات، ثم رحل إلى مصر، والشام وبغداد ومكة وكان يأخذ عن علماء أى بلد يرحل إليه حتى أتقن الفقه، والأصول وقيد