الأَنْدَلُس، وصنَّف شرح العتبية، فبلغ فيه الغاية» (?).

ثانيًا: الشهيد القاضى الفقيه أبو على الصدفي:

هو العالم الفقيه القاضى المُحَدِّث الحسين بن مُحَمَّد بن سُكرة.

أ- شيوخه:

روى عن أبى الوليد الباجي، ومُحَمَّد بن سعدون القروي، وحجَّ سنة إحدى وثمانين، ودخل مصر على أبى إسحاق الحبال، وقد منعه المستنصر العبيدى الرافضى مِن التحديث.

قال: فأول ما فاتحته الكلام أجابنى على غير سؤالي، حذرًا أن أكون مدسوسًا عليه، حتى بسطته وأعلمتُه أنَّنى من أهل الأَنْدَلُس أريد الحج، فأجاز لى لفظًا، وامتنع من

غير ذلك.

رحل للعراق، فسمع بالبصرة من جعفر بن مُحَمَّد بن الفضل العباداني، وعبد الملك ابن شغبة، وبالأنبار: الخطيب أبا الحسن على بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الأقطع، وببغداد: على ابن الحسن بن قُريش بن الحسن صاحب ابن الصلت الأهوازي، وعاصم بن الحسن الأديب، وأبا عبد الله الحميدي.

وتفقَّه ببغداد على أبى بكر الشاشي، وأخذ بالشام عن الفقيه نصر المقدسي، ورجع إلى بلاده فى سنة تسعين بعلم كثير، وأسانيد شاهقة، واستوطن مُرسية، وجلس للإسماع بجامعها.

ورحل النَّاس إليه، وكان عالمًا بالحديث وطرقه, عارفًا بعلله ورجاله، بصيرًا بالجرح والتعديل، مليح الخطِّ، جيد الضبط، كثير الكتابة، حافظًا لمصنفات الحديث, ذاكرًا لمتونها وأسانيدها، وكان قائمًا على «الصحيحين» مع «جامع» أبى عيسى الترمذي، ولى قضاء مُرسِيَّة، ثم استعفى منه فأعفي، وأقبل على نشر العلم وتأليفه، وكان صالحًا ديِّنا، عاملاً بعلمه، حليمًا متواضعًا، وخرَّج القاضى عياض شيوخه, وذكر أنه أخذ عن مائة وستين شيخًا، وأنَّه جالس نحو أربعين شيخًا مِن الصالحين والفضلاء, وأنَّه أكره على القضاء فوليه، ثم اختفى حتى أعفى منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015