المبحث الثالث
من مشاهير علماء دولة المرابطين
كانت دولة المرابطين مبنية على أسس شرعية ولذلك اهتمت بالعلماء والفقهاء الذين لا دوام لدولة تريد أن تحكم بشرع الله بدونهم, ولذلك كثر المُحَدِّثون والفقهاء، نذكر منهم:
أولاً: أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد الجد (ت 520هـ).
هو الإمام العلامة شيخ المالكية، قاضى الجماعة بقرطبة أبو الوليد.
أ- شيوخه:
مِن أشهر شيوخه الذين تتلمذ عليهم أبو جعفر أحمد بن رزق، وأبو مروان بن سراج، ومُحَمَّد بن خيرة، ومُحَمَّد بن فرج الطلاعي، والحافظ أبو علي, وأبو العبَّاس بن دلهات.
قال ابن بشكوال فيه: «كان فقيهًا عالمًا، حافظًا للفقه مقدمًا فيه على جميع أهل عصره، عارفًا بالفتوى، بصيرًا بأقوال أئمة المالكية، نافذًا فى علم الفرائض والأصول، من أهل الرياسة فى العلم، والبراعة والفهم، مع الدين والفضل، والوقار والحلم، والسمت الحسن، والهدى الصالح، ومن تصانيفه كتاب «المقدمات» لأوائل كتب المدونة، وكتاب «البيان والتحصيل لما فى المستخرجة مِن التوجيه والتعليل»، واختصار «المبسوطة»، واختصار «مشكل الآثار» للطحاوي، سمعنا عليه بعضها، وسار فى القضاء بأحسن سيرة وأقوم طريقة، ثم استعفى منه، فأعفي، ونشر كتبه، وكان النَّاس يُعوِّلون عليه ويلجأون إليه، وكان حسن الخلق، سهل اللقاء، كثير النفع لخاصته جميل العشرة لهم، بارًا بهم» (?).
ب- ومن أشهر فتاوى ابن رشد الجد ما أفتاه فى شأن المعاهدين مِن النصارى فى بلاد الأَنْدَلُس بإبعادهم وتغريبهم لغدرهم بالمسلمين ومساعدتهم لألفونسو المحارب (?)، عاش هذا العالم الجليل سبعين عامًا, ومات فى ذى القعدة سنة عشرين وخمسمائة، وصلى عليه ابنه أبو القاسم، وروى عنه أبو الوليد بن الدباغ فقال: «كان أفقه أهل