صنهاجة وهى سياسة حكيمة اتبعها الأمير يوسف رغبة فى تحقيق العدالة وتطبيق
تعاليم الإسلام.
وقد منحهم رتبة عالية فى الدولة حتى كثرت أموالهم، واتسعت مكاسبهم، وكانوا يستمدون نفوذهم من سلطة الدولة نفسها، يحكمون وفق المذهب المالكي، ويقوم بتنفيذ أحكامهم الولاة والحُكَّام المحليون، وقد شارك القضاة فى معارك الجهاد فى
الأَنْدَلُس، واستشهد بعضهم فى معركة الزِّلاقَة منهم القاضى عبد الملك المصمودى قاضى مراكش (?).
وكانت السُّلطَة القضائية تتمتع باستقلال كبير عن السُّلطَة التنفيذية، وكان تعيين القاضى يصدر بمرسوم عن أمير المسلمين، وكذلك عزله، وكان لأهل البلدان التابعة لدولة المرابطين حق الترشيح لمَن يرونه مناسبًا لمنصب القضاء فى بلدهم.
وإذا أراد أمير المسلمين عزل قاضٍ فى بلد معين فعليه أن يوضح الأسباب لأهل ذلك البلد.
أ - منصب قاضى الجماعة فى الأندلس:
يعتبر منصب قاضى الجماعة من أرفع المناصب القضائية فى الأَنْدَلُس، كان صاحبه يشرف على القضاء فى جميع أنحاء الأَنْدَلُس، ومن المرجح إن هذا المنصب الخطير كان لا يتولاه إلا كل مَن يثبت كفاءة عالية فى أمور القضاء، وكان قاضى الجماعة فى الأَنْدَلُس يتمتع بسلطات واسعة، ومنهم أبو القاسم أحمد بن مُحَمَّد بن على بن مُحَمَّد بن عبد العزيز التغلبى الذى وجَّهه الأمير يوسف بن تاشفين إلى اتباع الحق فى الأحكام دون أن يعرف فى الله لومة لائم، فكتب له: «ولا تُبالِ برغم راغم وتشفق من ملامة لائم، فآس بين النَّاس فى عدلك ومجلسك حتى لا يطمع قوى فى حيفك ولا ييأس ضعيف فى عدلك، ولا يكن عندك أقوى مِن الضعيف حتى تأخذ الحق له، ولا أضعف مِن القوى حتى تأخذ الحق منه. .» (?).
ومن أشهر مَن تولَّى منصب قضاء الجماعة فى الأَنْدَلُس فى عصر على بن يوسف