المبحث الثاني النظام القضائى فى دولة المرابطين

المبحث الثاني

النظام القضائى فى دولة المرابطين

تمهيد:

للقضاء مكانة عظيمة ومنزلة شريفة، وفاصل بين النَّاس فى خصوماتهم

وحاسم للتداعى وقاطع للتنازع، وكان العرب فى جاهليتهم يعرفون منزلة القضاء, ويختارون له أهله, ويطلقون عليهم الحُكَّام، واهتم المسلمون بهذا الأمر, ومارسه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى زمانه، وسار الخلفاء من بعده على دربه، وأصبح القضاء بعد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى عداد الوظائف الداخلة تحت الخلافة، وتطور القضاء مع تطور دولة الإسلام فكان الخليفة يتخذ قاضيًا فى حاضرة الخلافة وقضاة آخرين فى الولايات والأمصار.

كان القضاء فى الأمصار أول الأمر مُضافًا إلى الولاة حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب فجعله مستقلاً عن نظر الوالي، عيَّن له مَن يتفرَّد بالنظر فيه, ومع استقلال القضاء عن نظر الوالي، فإن تقليد القضاء فى الولايات كان يتم فى الغالب عن طريق الولاة بتفويض الخليفة لهم، أمَّا فى العاصمة فكان الخليفة هو الذى يُعيِّن القاضى إلى أن جاء الخليفة العبَّاسى أبو جعفر المنصور الذى انحرف بالقضاة نحو مركزية الدولة، وأخضع المؤسسات القضائية لرقابته المستمرَّة، وجعل تقليد القضاة على قضاء الأمصار من قبله، وتابعه على ذلك خلفاء بنى العبَّاس، إلى أن استحدث منصب قاضى القضاة فى فترة تالية، فتولَّى قاضى القضاة النظر فى مؤهلات المرشحين للقضاء ومراقبة الكفاءة المهنية للقضاة فى عاصمة الخلافة وخارجها (?)، واهتمَّت كلُّ الدول التابعة للخلافة بتطوير نظامها القضائى وخصوصًا المرابطين الذين حرصوا على إقامة العدل ونشره فى ربوع بلادهم، فكان لمنصب القضاة أهمية كبيرة، ولذلك حرص أمراء المرابطين على تعيين القضاة مِمَّن برزوا فى العلم والفقه وتميزوا بالمقدرة على تولى هذه المناصب فى دولتهم دون الاستناد على العصبية القبلية، حتى أصبح أكثر القضاة من غير قبيلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015