الوزارة فى زمن على بن يوسف تطوَّرت تطورًا ملحوظًا, وأصبح الوزير بمنزلة السمع والبصر واللسان والقلب بالنسبة لأمير المُسْلِمِين، وفى الأمثال: نعم الظهير الوزير.

كان الحكم فى دولة المرابطين قائماً على أسس عسكرية، فأمير المُسْلِمِين هو قائد الجيش الأعلى، ومعاونوه هم قواد الجيش، لهذا كان من الطبيعى أن يتسم منصب الوزير بالطابع العسكرى كذلك، ولكن لما كان الأمر يتطلب من الوزير أيضًا كتابة الوثائق، والمراسيم وصياغتها فقد وُجِد فى دولة المرابطين صنفان من الوزراء.

1 - وزراء عسكريون من قادة الجيش, وهم من قرابة السلطان عادة أو من قبائل لمتونة وصنهاجة التى قامت على أكتافهم دولة المرابطين.

2 - وزراء كُتَّاب وهم من الفقهاء.

وكان المغاربة يطلقون كلمة فقيه على العالم بالأحكام الشرعية إلا أن أهل المشرق أصبح ذلك المصطلح عندهم يطلق على دارس الفقه عمومًا من الطلبة.

وتوسَّع الأمير على بن يوسف فى اتخاذ الوزراء والمستشارين من الفقهاء وكبار العلماء، وكان من أخصِّ وزرائه الفقيه مالك بن وهيب الإشبيلى الذى شارك فى جميع العلوم، ونظم الشعر، وكتب مؤلفات فى الفلسفة والتَّارِيخ، وهذا الفقيه هو الذى أشار على سلطان المرابطين على بن يوسف بقتل مُحَمَّد بن تومرت زعيم دولة الموحِّدين فيما بعد، حيث تفرَّس فيه حدة نفسه وذكاء خاطره، واتساع عبارته, فأشار على أمير المُسْلِمِين بقتله أو اعتقاله، قبل أن يستفحل خطره، لأنَّه رجل مفسد ولا يسمع كلامه أحد إلا مال إليه, غير أن على بن يوسف توقف فى قتله واعتقاله، وأبى ذلك عليه دينه، لعدم ثبوت التهمة عليه، وقد صحَّ ما تفرَّسه مالك بن وهيب، إذ إنه على يد هذا المدعى المهدية الكذاب ابن تومرت قامت دولة الموحدين التى قضت على دولة المرابطين فى المغرب والأَنْدَلُس (?).

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015