الآراء، وكان الاتصال بالأمير عن طريق الأعوان من السهولة بمكان، وساعد على ذلك ما امتاز به الأمير من زُهد فى الدنيا, وتطلع للآخرة, وحب البساطة، وميل للتواضع.
ويذهب الأمير يوسف فى مذهبه إلى أن الشورى معلمة وغير ملزمة وله فى ذلك أدلة؛ حيث ذهب بعض المفسرين إلى إن الشورى غير ملزمة مستندين فى ذلك إلى قوله تعالى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ}.
ذهب الإمام الطبرى إلى القول: «إذا صحَّ عزمك بتثبيتنا إياك وتسديدنا لك فيما نابك وحزبك من أمر دينك ودنياك، فامض لما أمرناك به، وافق ذلك آراء أصحابك وما أشاروا به عليك أو خالفها، وتوكَّل فيما تأتى من أمورك على ربِّك، فثق به فى كل ذلك، وارض بقضائه فى جميعه دون آراء سائر خلقه ومعونتهم» (?).
ويرى بعض العلماء أن رأى الشورى ولو أنه غير ملزم لكنَّه ينير الطريق
أمام الحاكم (?).
وأضاف العلامة أبو الأعلى المودودى فى قضية الشورى هل هى معلمة أو ملزمة بعدًا آخر وهو طبيعة المجتمع وما يسوده من أخلاق؛ حيث يقول: «ما وجدت حكمًا قاطعًا فى هذا الباب فى أحاديث الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , غير أن العلماء قد استنبطوا من عمل الصحابة فى عهد الخلافة الراشدة أن رئيس الدولة هو المسئول الحقيقى عن شئون الدولة، وعليه أن يُسيِّرها بمشاورة أهل الحل والعقد، ولكنَّه ليس مقيدًا بأن
يعمل بما يتفقون عليه كلهم أو أكثرهم من الآراء، وبكلمة أخرى أنه يتمتع
بحق الاعتراض على آرائهم.
ولكن هذا الرأى فى صورته المجملة كثيرًا ما يسبب سوء الفهم بالقياس إلى أحوالهم وأوساطهم الحاضرة، ولا ينظرون إلى ذلك الزمان ولا الوسط الذى قد أخذنا هذا الرأى من أعمال الأمة فيه، فما كان أهل الحِلِّ والعَقْد فى عهد الخلافة الراشدة منقسمين إلى أحزاب متفرقة, بل كانوا كلما دُعوا للمشاورة يأتون المجلس بقلوب ملؤها الإخلاص. . ثم يوازن الخليفة بين الحجج الموافقة والمعارضة ويعرض عليهم ما عنده من الدلائل، ويبين رأيه, وكان هذا الرأى فى عامة الأحوال رأيًا يسلم به أعضاء المجلس كلهم. .» ثم