اختيار الحاكم عند المرابطين من الشورى إلى النظام الوراثى منذ أن اختار يوسف بن تاشفين ابنه عليًا واليًا لولاية العهد، وكان اجتهاد يوسف بن تاشفين فى هذا التعديل الخطير يعتمد على رأيه أن اجتهاده ذلك يحفظ وحدة بلاده ودولته، ويقضى على التنافس من أجل الحكم ورأى مصلحة بلاده وشعبه تقتضى اختيار ابنه.
كان من الطبيعى أن يمهِّد لفكرته فى اختيار ولى العهد, ولذلك شاور كل مَن يهمه الأمر حول هذا الاختيار، ولهذا بادر بمشاورة الفقهاء والقضاة وزعماء القبائل وأفراد الأسرة المرابطية وكبار رجال الدولة فى سنة 495هـ / 1101م، وناقشهم فى المبررات التى دفعته إلى اختياره، فوافقه الجميع على ما اعتزم عليه، وعلى أثر ذلك قرئ مرسوم البيعة الذى يتضمن الأسباب التى حملته على هذا الاختيار، والشروط الواجب توافرها فيه، والمبادئ التى ينبغى أن يسير عليها، وهذا المرسوم كتبه الوزير الفقيه أبو مُحَمَّد بن عبد الغفور، وكان من أعلام البلاغة فى ذلك العصر» (?).
ونستخلص من نص الوثيقة التى ذكرتها فيما مضى: أن يوسف بن تاشفين اتبع مبدأين فى اختياره ولده أبا الحسن عليًا وليًا لعهده.
أولهما: مبدأ الاختيار:
فقد أشارت الوثيقة التى ذكرتها إلى أن يوسف قد اختار مِن بين أولاده مَن هو أصلح لقيادة تلك الدولة المترامية الأطراف: «فوجد ابنه الأمير الأجل أبا الحسن أكثرها ارتياحًا إلى المعالى واهتزازًا، وأكرمها سجية وأنفسها اعتزازًا، فاستنابه فيما استرعى ودعاه لما كان إليه دعا» (?).
ثانيهما: مبدأ الشورى:
فقد أخذ يوسف به، وتمسَّك بما جاء فى القرآن الكريم, وما جاء على لسان
نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - , وما سار عليه الخلفاء الراشدون: «ودعاه لما كان إليه دعا، بعد استشارة أهل الرأى على القرب والنأي» (?).
كما أشار مرسوم البيعة إلى أنَّها كانت مشروطة ببعض الشروط اشترطها الأمير