«واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون، وفيما يشكل من أمور الدِّين، ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب، ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح، ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها» (?).
وأشار ابن العربى إلى وجوبها بأنها سبب الصواب, فقال: «والشورى مسبار العقل وسبب الصواب»، ويشير إلى أننا مأمورون بتحرى الصواب فى مصالح الأمة وما يتوقف عليه الواجب فهو واجب (?).
ويذهب ابن عطية أيضًا إلى الوجوب، بل يؤكد هذا الوجوب فيقول: «الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأَحكام، ومن لا يستشير أهل العلم فعزله واجب، وهذا ما لا اختلاف فيه» (?).
لقد كان نظام الشورى هو الأساس الذى اعتمده المرابطون فى نظام حكمهم فى بداية دولة المرابطين قبل يوسف بن تاشفين، فقد كان المرابطون يختارون بكامل الحرية رئيسهم الذى يتم تعيينه بعد عقد مجلس من زعماء القبائل والولاة والعلماء والفقهاء يشارك فيه شيوخ المرابطين وأعيانهم، بهذه الطريقة تم اختيار عبد الله بن ياسين، الذى لم يحرص على استمرار الإمارة فى أسرته، كما أنه لم يباشر أى ضغط على المرابطين فى اختيار يحيى بن عمر ثم أبى بكر بن عمر، بل كانت وصيته الأخيرة للمرابطين قوله: «إياكم والمخالفة والتحاسد على الرياسة، فإن الله يؤتى ملكه من يشاء، ويستخلف فى أرضه من أحب من عباده، ولقد ذهبت عنكم فانظروا من تقدمونه منكم، يقوم بأمركم ويقود جيوشكم، ويغزو عدوكم، ويقسم بينكم فيئكم، ويأخذ زكاتكم وأعشاركم» (?).
ومن هذه الوصية يتبين أن الزعيم الأول للمرابطين، لم يكن يرى طريقة الحكم الوراثي، أما يوسف بن تاشفين فقد كان يخشى أن يعود الأمر فوضى بعده وأن تنفصم عرى هذه الوحدة، وتنتهى هذه الدعوة التى عمل جاهدًا على تبيلغها زهاء نصف قرن، لذلك رأى يوسف أن يُعَيّن واليًا للعهد يستخلفه بعد موته, وهكذا حدث انحراف فى