الفصل الرابع
سياسة المرابطين فى دولتهم المجيدة
المبحث الأول
نظم الحكم والإدارة فى دولة المرابطين
أولا: النظام الإدارى:
1 - نظام إمارة المسلمين:
كان النظام السائد فى إمارة المُسْلِمِين عند المرابطين يعتمد على اختيار الأمير وفق فقه الشورى، وكانوا حريصين على تطبيق قول الله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الشورى: 38].
وكان زعماء المرابطين يتشاورون فى الوسائل التى تعين على تمكين الحق وإظهار الصواب، ونشر الصلاح بين العباد، واقتدوا بالقرآن الكريم فى توجيهه للرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأمْرِ} [آل عمران:159].
«أى لا يصدنك ما كان منهم من خطأ رأيهم فيما بدا منهم يوم أحد عن أن تستعين برأيهم فى مواقع أخرى، فإنَّما كان قد حصل فلتة تُغفر وعثرة تُقال, وشاورهم فى أمر الحرب وأمثاله مما يجرى فيه المشاورة» (?).
وقد دلَّت الآية على أن الشورى قد أمر بها الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى مهمات الأمة ومصالحها كالحرب ونحوها، وذلك فى غير أمر التشريع، لأن أمر التشريع إن كان فيه وحى فلا محيد عنه، وهى توجيه لكل ولاة الأمر بعده أن يشاوروا عن أمر الدِّين والدنيا، وما ليس فيه نصٌّ واضح، وهى تشمل هنا المشاورة فى شئون الأمة ومصالحها (?).
وكان مذهبهم فى الشورى مذهب المالكية وليس الخصوص، قال ابن خويز منداد: