فأول ما ينبغي على الزوج: أن يتذكر حق والد الزوجة عليه، حقه يوم اختاره من بين الناس زوجاً لابنته، ويوم اختاره من بين الناس كفئاً كريماً يستر عورته، يسترها ولا يفضحها، ويكرمها ولا يهينها، ولذلك أشبه الناس بالأب بناته كما ذكروا، حتى قيل: إن البنت الكبرى تشبه أباها.
ذكرت عائشة رضي الله عنها كما في الصحيح مثالاً على ذلك، فقالت رضي الله عنها: (جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما تخالف مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
فالذي يختار الزوج ويرضى به زوجاً لابنته، فإن هذا يدل على حسن النية وعن حسن الظن، الأمر الذي يوجب على الزوج أن يحفظ هذا الحق وأن يعتبره ديناً عليه.
ولذلك كان بعض الفضلاء، إذا أوذي من زوجته، لا يقف يوماً من الأيام على أبيها يشتكي، فلما عظمت أذيتها واشتدت بليتها، قيل له: هلا اشتكيتها إلى أبيها؟ قال: زوجني وأكرمني فأستحي أن أقف على بابه شاكياً.
فإذا كان الإنسان حراً كريماً أعظم الإحسان وردّه بمثله وأفضل منه، وتلك سنةُ الأخيار، وإذا تذكر الإنسان اختيار أهل زوجه له، قابل ذلك بحسن المكافأة وردّ الجميل، وذلك من الإيمان كما قال عليه الصلاة والسلام: (حفظ العهد من الإيمان) .