الغضبُ يَجمعُ الشرَّ كلَّه"1.
وقد جاء عن السلف رحمهم الله نقولٌ عديدةٌ في التحذير من الغضب وبيان نتائجه وعواقبه الوخيمة، يقول جعفر بن محمد رحمه الله: "الغضبُ مفتاحُ كلِّ شرٍّ".
وقيل لعبد الله بن المبارك رحمه الله: اجمع لنا حسن الخُلق في كلمة، فقال: "تركُ الغضب".
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "قد أفلح من عُصِم من الهوى والغضب والطَّمَع".
وكان يُقال: "أوَّلُ الغضب جُنونٌ وآخرُه ندمٌ"، ويُقال: "عدوُّ العقل الغضب"، ويُقال أيضاً: "كلُّ العَطَب في الغضب".
ولَمَّا كان الغضبُ بهذا القدر من الخطورة كان متعيَّناً على كلِّ مسلم أن يَحذَرَ منه، وأن يُجاهدَ نفسَه على البُعد عنه؛ ليَسلَم من عواقبه ونتائجه.
وقول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدِّم: "لا تغضب" يتضمَّنُ أمرَين عظيمَين للسلامة من الغضب ونتائجه.
أحدهما: الأمرُ بفعل الأسباب وتمرين النفس على حُسن الخلق والحِلْم والصَّبر واحتمال أذى الناس القولي والفعلي، فإذا وُفِّق العبدُ لذلك فإنَّه إذا ورد عليه واردُ الغضب احتمله بحسن خُلُقه، وتلقَّاه بحِلْمه وصبره.
ومن القواعد المتقرَّرة أنَّ الأمرَ بالشيء أمرٌ به وبما لا يتمُّ إلاَّ به، والنَّهي عن الشيء أمرٌ بضدِّه، فنهيُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عن الغضب يتضمَّن الأمرَ بالصَّبر والحِلم وحسن الخُلُق.