173 / مَا يُقَالُ عِنْدَ الغَضَبِ

الغضبُ من الخصال الذَّميمة والخلال المشينة التي نهى عنها الإسلامُ وحذَّر منها أشدَّ التحذير، وهو غَلَيانُ دم القلب وازدياد خفقانه، طلباً لدفع المؤذي عند خشية وقوعه، أو طلباً للانتقام مِمَّن يحصل منه الأذى بعد وقوعه، وينشأ عن ذلك كثيرٌ من الأفعال المحرَّمة كالقتل والضَّرب وأنواع الظلم والعُدوان، وكثيرٌ من الأقوال المحرَّمة كالقذف والسبِّ والفُحش والبذاء، وكالأَيْمان التي لا يجوز التزامها شرعاً، وكتطليق الزوجة، ونحو ذلك من الأمور التي لا تُعقِبُ إلاَّ النَّدم، مِمَّا يدلُّ أوضح دلالة على أنَّ الغضبَ جماعُ الشرِّ ومفتاحُ أبوابه.

روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: " أنَّ رجلاً قال للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أوصِنِي، قال: لا تَغْضَبْ، فردَّد مراراً قال: لا تَغْضَبْ"1.

فهذا الرَّجل قد طلب من النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أن يوصيَه بوصيَّة وَجيزة جامعة لخصال الخير ليَحفظها ويعملَ بها، فوصَّاه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أن لا يغضب، وردَّد السؤالَ مراراً والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يجيبُه بقوله: "لا تغضب"، وفي هذا دلالة على أنَّ الغضبَ جماعُ الشرِّ ومفتاحُه، وأنَّ التحرُّزَ منه جماعُ الخير.

وفي المسند للإمام أحمد من حديث الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن، عن رجل من أصحاب النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: قلت: يا رسول الله أوصِنِي. قال: "لا تَغْضَبْ"، قال الرَّجلُ: "ففكَّرتُ حين قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ما قال، فإذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015