عرف حكمة الخالق سبحانه وتعالى وأنه لا خلل فيها ولا نقص فأوجبت عَلَيْهِ هذه المعرفة التسليم لما خفي عنه، ومتى اشتبه علينا أمر فِي فرع لم يجز أن نحكم عَلَى الأصل بالبطلان. ثم قد ظهرت حكمة ذلك فإنا نعلم أن الحيوان يفضل عَلَى الجماد، ثم الناطق أفضل مما ليس بناطق بما أوتي من الفهم والفطنة والقوى النظرية والعملية، وحاجة هَذَا الناطق إِلَى إبقاء فهمه ولا يقوم فِي إبقاء القوى مقام اللحم شيء، ولا يستطرف تناول القوي الضعيف، وما فيه فائدة عظيمة لما قلت فائدته وإنما خلق الحيوان البهيم للحيوان الكريم، فلو لم يذبح لكثر وضاق به المرعى ومات فيتأذى الحيوان الكريم بجيفته فلم يكن لإيجاده فائدة، وأما ألم الذبح فإنه يسير. وَقَدْ قيل إنه لا يوجد أصلا لأن الحساس للألم أغشية الدماغ لأن فيه الأعضاء الحساسة ولذلك إذا أصابها آفة من صرع أَوْ سكتة لم يحس الإنسان بألم، فَإِذَا قطعت الأوداج سريعا لم يصل ألم الجسم إِلَى محل الحس ولهذا قَالَ عَلَيْهِ الصلاة والسلام: "إذا ذبح أحدكم فليحد شفرته وليرح ذبيحته. اهـ.

قلتُ وقد ثبت علمياً أن ما تجده البهيمة من ألم في الذبح الشرعي ما هو إلا ألم يسير جداً لا يكاد يُذكر وفي ذلك يقول د. جواد الهدمي الحاصل على دكتوراه في علوم الدواجن التطبيقية وأمراضها/ لندن في بحث له منشور على النت باسم "الإعجاز العلمي في التخدير بالذبح ووجوب عدم نخع الذبائح " ولكن الحقيقة العلمية أن الألم عند الحيوان المذبوح لا يستمر لأكثر من ثوان قليلة، لأن جميع أجهزة الجسم تكون منشغلة في إمداد الدماغ بالدم.

فالأعصاب التي تحوي الدم تتلقى الأوامر من المخ بإمداده بالدم بسبب نقص الدم عند ذبح الحيوان، وتبدأ عضلات الجسم بالتشنج وردود الأفعال والتي من خلالها يتدفق الدم عبر الأوعية الدموية باتجاه القلب، ثم يوجه القلب هذه الدماء باتجاه المخ، ولكنها سوف تخرج خارج جسد الحيوان لأنه مذبوح." ثم قال " ومن الفروق الجوهرية بين الذبح الإسلامي وغير الإسلامي, أن الذبح الإسلامي يؤدي إلي عدم الشعور بالألم وكأنه تخدير للذبيحة, والتخدير هنا كما نفهمه اليوم طبيا هو عدم الشعور بالألم، أما في الغرب فيلجأون إلي تدويخ أو إغماء الحيوان قبل ذبحه وهي شكل من أشكال التخدير البدائية التي مورست في سنوات خلت قبل تقدم وتطور الطب وتم التخلي عنها, وهذا يؤدي إلى بقاء نسبة عالية من الدم في الذبيحة, وذلك لفقدانه القدرة علي الحركة العضلية وبالتالي تسبب احتقان الجسم بالدماء. " وقال أيضاً " يدعي بعض المستشرقين أن الطريقة الإسلامية في الذبح طريقة لا إنسانية ويستدلون على ذلك بالتقلصات والاختلاجات التي يقوم بها الحيوان بعد عملية الذبح.

والحقيقة أنه عكس ذلك تماماً فإن الطريقة الإسلامية في الذبح إذا أجريت بالطريقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015