بعلمها وَأَن مُلُوكهَا كَانُوا يتواضعون لعلمائها ويرفعون اقدارهم وَيَصْدُرُونَ عَن آرائهم وَأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يقدمُونَ وزيرا وَلَا مشاورا مَا لم يكن عَالما حَتَّى ان الحكم الْمُسْتَنْصر لما كره لَهُ الْعلمَاء شرب الْخمر هم بِقطع شَجَرَة الْعِنَب من الأندلس فَقيل لَهُ فَإِنَّهَا تعصر من سواهَا فامسك عَن ذَلِك وَأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يقدمُونَ أحدا للْفَتْوَى وَلَا لقبُول الشَّهَادَة حَتَّى يطول أختباره وتعقد لَهُ مجَالِس المذاكرة وَيكون ذَا مَال فِي غَالب الْحَال خوفًا من ان يمِيل بِهِ الْفقر إِلَى الطمع فِيمَا فِي ايدي النَّاس فيبيع بِهِ حُقُوق الدّين وَقد أخْبرت ان الحكم الربضي اراد تَقْدِيم شخص من الْفُقَهَاء يخْتَص بِهِ للشَّهَادَة فَأخذ فِي ذَلِك مَعَ يحيى بن يحيى وَغَيرهمَا من اعلام الْعلمَاء فَقَالُوا لَهُ هُوَ أهل وَلكنه شَدِيد الْفقر وَمن يكون فِي هَذِه الْحَالة لَا تأمنه على حُقُوق الْمُسلمين لَا سِيمَا وَأَنت تُرِيدُ انتفاعه وظهوره فِي الدُّخُول فِي الْمَوَارِيث والوصايا واشباه ذَلِك فَسكت وَلم يرد منازعتهم وَبَقِي مهموما من كَونهم لم يقبلُوا قَوْله فَنظر اليه وَلَده عبد الرَّحْمَن الَّذِي ولي الْملك بعده وعَلى وَجهه اثر ذَلِك فَقَالَ مَا بالك يَا مولَايَ فَقَالَ الا ترى لهَؤُلَاء الَّذين نقدمهم وننوه عِنْد النَّاس بمكانتهم حَتَّى إِذا كلفناهم مَا لَيْسَ عَلَيْهِم فِيهِ شطط بل مَا لَا يعيبهم وَلَا مِمَّا هُوَ يزرؤهم صدونا عَنهُ وغلقوا ابواب الشَّفَاعَة وَذكر لَهُ مَا كَانَ مِنْهُم فَقَالَ يَا مولَايَ انت أولى النَّاس بالانصاف ان هَؤُلَاءِ مَا قدمتهم انت وَلَا نوهت بهم وانما قدمهم ونوه بهم علمهمْ أَو كنت تَأْخُذ قوما جُهَّالًا فتضعهم فِي مواضعهم قَالَ لَا قَالَ فانصفهم فِيمَا تعبوا فِيهِ من الْعلم لينالوا بِهِ لَذَّة الدُّنْيَا وراحة الْآخِرَة قَالَ صدقت ثمَّ قَالَ وَأما كَونهم لم يقبلُوا هَذَا الرجل لشدَّة فقره فالعلة فِي ذَلِك تنحسم بِمَا يبْقى لَك من الصَّالِحَات ذكرا قَالَ وَمَا هُوَ قَالَ تعطيه من مَالك قدر مَا يلْحق بِهِ من الْغنى مَا يؤهله لتِلْك الْمنزلَة ويزيل عَنْك خجل ردهم لَك وَتَكون هَذِه