نيل بِلَا تمساح وَقد سَمِعت عَن جبال الرَّحْمَة بخارجها وَكَثْرَة مَا فِيهَا من بساتين التِّين القوطي والشعري وَهَذَانِ الصنفان اجْمَعْ المتجولون فِي أقطار الأَرْض ان لَيْسَ فِي غير اشبيلية مثل لَهما وَقد سَمِعت مَا فِي هَذَا الْبَلَد من اصناف ادوات الطَّرب كالخيال والكريج وَالْعود والروطة والرباب والقانون والمؤنس والكثيرة والفنار والزلامي والشقرة والنورة وهما مزماران الْوَاحِد غليظ الصَّوْت وَالْآخر رَقِيقه والبوق وان كَانَ جَمِيع هَذَا مَوْجُودا فِي غَيرهَا من بِلَاد الأندلس فَأَنَّهُ فِيهَا أَكثر وأوجد وَلَيْسَ فِي بر العدوة من هَذَا شَيْء إِلَّا مَا جلب اليه من الأندلس وحسبهم الدُّف واقوال واليرا وابو قُرُون ودبدبه السودَان وحماقى البرابر وَأما جواريها ومراكبها برا وبحرا ومطابخها وفواكهها الخضراء واليابسة فاصناف أخذت من التَّفْضِيل بأوفر نصيب وَأما مبانيها فقد سَمِعت عَن اتقانها واهتمام اصحابها بهَا وَكَون أَكثر ديارها لَا تَخْلُو من المَاء الْجَارِي والاشجار المتكاثفة كالنارنج والليم والليمون والزنبوع وَغير ذَلِك وَأما علماؤها فِي كل صنف رفيع أَو وضيع جدا أَو هزلا فَأكْثر من ان يعدوا واشهر من ان يذكرُوا وَأما مَا فِيهَا مت الشُّعَرَاء والوشاحين والزجالين فَمَا لَو قسموا على بر العدوة ضَاقَ بهم وَالْكل ينالون خير رؤسائها ورفدهم وَمَا من جَمِيع مَا ذكرت فِي هَذِه الْبَلدة الشَّرِيفَة الا وقصدي بِهِ الْعبارَة عَن فَضَائِل جَمِيع الأندلس فَمَا تَخْلُو بلادها من ذَلِك وَلَكِن جعلت اشبيلية بل الله جعلهَا ام قراها ومركز فخرها وعلاها إِذْ هِيَ اكبر مدنها واعظم امصارها

وَأما قرطبة فكرسي المملكة الْقَدِيم ومركز الْعلم ومنار التقى وَمحل التَّعْظِيم والتقديم بهَا اسْتَقَرَّتْ مُلُوك الْفَتْح وعظماؤه ثمَّ مُلُوك المروانية وَبهَا كَانَ يحيى بِي يحيى راوية مَالك وَعبد الْملك بن حبيب وَقد سَمِعت من تَعْظِيم أَهلهَا للشريعة ومنافستهم فِي السؤدد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015