مَا حضرني الْآن فِي فضل جَزِيرَة الأندلس وَلم إذكر من بلادها الا مَا كل بلد مِنْهَا مملكة مُسْتَقلَّة يَليهَا مُلُوك بني عبد الْمُؤمن على انْفِرَاد وَغَيرهَا فِي حكم التبع
وَأما علماؤها وشعراؤها فَإِنِّي لم أعرض مِنْهُم إِلَّا لمن هُوَ فِي الشُّهْرَة كالصباح وَفِي مسير الذّكر كمسير الرِّيَاح وَأَنا احكي لَك حِكَايَة جرت لي فِي مجْلِس الرئيس الْفَقِيه أبي بكر بن زهر وَذَلِكَ اني كنت يَوْمًا بَين يَدَيْهِ فَدخل علينا رجل عجمي من فضلاء خُرَاسَان وَكَانَ ابْن زهر يُكرمهُ فَقلت لَهُ مَا تَقول فِي عُلَمَاء الأندلس وكتابهم وشعرائهم فَقَالَ كَبرت فَلم افهم مقْصده واستبردت مَا أُتِي بِهِ وَفهم مني أَبُو بكر بن زهر أَنِّي نظرته نظر المستبرد الْمُنكر فَقَالَ لي اقرات شعر المتنبي قلت نعم وحفظت جَمِيعه قَالَ فعلى نَفسك إِذن فلتنكر وخاطرك بقلة الْفَهم فلتتهم فذكرني بقول المتنبي
(كَبرت حول دِيَارهمْ لما بَدَت ... مِنْهَا الشموس وَلَيْسَ فِيهَا الْمشرق)
فاعتذرت للخراساني وَقلت لَهُ قد وَالله كَبرت فِي عَيْني بِقدر مَا صغرت نَفسِي عِنْدِي حِين لم افهم نبل مقصدك
فَالْحَمْد لله الَّذِي اطلع من الْمغرب هَذِه الشموس وَجعلهَا بَين جَمِيع اهله بِمَنْزِلَة الرؤس وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد نبيه الْمُخْتَار من صفوة الْعَرَب وعَلى آله وَصَحبه صَلَاة مُتَّصِلَة إِلَى غابر الحقب
كملت رِسَالَة الشقندي