نشرت سنة 1988
قال لي قائل: ما أكثر الأحاديث الدينية في الإذاعة!
قلت: بل ما أقلها!
إنّي لأفتح عيني ثم أغلقها ... على كثيرٍ ولكنْ لا أرى أحدا
إنها كثير إذا عُدَّت، قليل إذا قُوِّمت. وهل يكون محدِّثاً وداعياً إلى الله ناجحاً كل من فتح كتاباً وسرد ما فيه؟ إن من المحدثين من يختار كتاباً كبيراً من كتب الحديث فيقرأ منه، يقرأ كل يوم نصف صفحة أو صفحة ويأخذ المكافأة من الإذاعة عليها، ولو استمر عشرين سنة لما أتى على نصفه! ومن يعمد إلى علم من العلوم المقرَّرة المعروفة، كالفقه وأبوابه والحديث وعلومه والسيرة والتاريخ، فيقرأ منها حصة يحسبها علينا حديثاً!
إن من هذه الأحاديث ما هو كالنوافير الصناعية، التي يراها الرائي تعلو في الجو يضرب بعضها بعضاً تلمع في عين الشمس، فيحسبها قد انبثقت من مَعين لا ينقطع، وما خرجت إلا من علبة مغلقة فيها ماء يحركها المحرّك فيقذف بها إلى العلاء، ثم يعود الماء من حيث جاء، خرج منها ثم رجع إليها.