عليك، ولكن مثالك ومثالهم كمن وُصف له ماء الينبوع وحُملت إليه قارورة منه من رأس العين، فتبع مجرى الماء حتى بَعُدَ عن منبعه عشرة أميال، فرآه قد علقت به الأقذار والأكدار، فحكم بما يرى على أصل الينبوع.
على أن النبع موجود، فمن شاء استقى منه أو جَرَّ الماء إليه في أنابيب لا يصل إليها قذر ولا يخالطها كدر. العين الأصلية والنبع الصافي هو القرآن الكريم، والسنة الثابتة الصحيحة، وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام التي كانت تصديقاً عملياً للقرآن الكريم، وسِيَر أصحابه التي كانت في جملتها استمداداً من سيرته واستمراراً لطريقته.
أما الساقية العكرة فهي ما يفهمه العوام وأشباه العوام على أنه دين الإسلام، وهي ما يقول به المبتدعون المنحرفون الذين نسبوا إلى الإسلام ما ليس منه، وشرعوا من الدين ما لم يأذن الله به.
فلا يجوز إذن أن نحكم على الإسلام بحال المسلمين، فإذا كان في المسلمين من يعتقد معتقدات، أو يأتي ببدع، أو يفعل أفعالاً تخالف ما في كتاب الله وما في الصحيح من سنة رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى، صلى الله عليه وسلم، نقول بأن هؤلاء انحرفوا عن طريق الإسلام، ولا نقول بأن هذا هو الإسلام.
وللشيخ جمال الدين الأفغاني (أو للشيخ محمد عبده، ما عدت أذكر لأيهما) (?) كلمة عجيبة تعبّر عن هذه الحقيقة بأوضح