فيهم مثل الذي قرأته عن شباب الصحابة، يقيمون في تلك الديار وهم ثابتون على إسلامهم، تكتنفهم الشبهات والشهوات من كل ناحية وهم مرتبطون بدينهم وبربهم.
ولقد سُئلت مرة في جامعة الرياض (في آخر زيارة لي إليها) عن حال الشبان اليوم في المملكة وفيما عرفت من البلدان العربية، فضربت لذلك مثلاً: غديراً واسعاً كان ماؤه صافياً، فتعكّر، فلم يبلغ حد الفساد ولم يبقَ على ما كان عليه من الصفاء، فأقاموا في جانب منه مصفاة يصب ماؤها في بركة صغيرة، فكان فيها من الماء ما لا مزيد عليه في عذوبته وفي صفائه وفي طهره، وما خرج منه بعد تصفيته ألقَوه في بركة أخرى في الجانب الآخر من الغدير، فكان فيها ماء لا يُتصوَّر أقذر منه في عكره وفي وساخته وفيما يحمل من أسباب الداء.
هذا هو المثال. أما الغدير فما كان عليه أكثر المسلمين في مطلع هذا القرن، كانوا في الجملة على دين، ولكنه دين مَشوب بشيء من الجهل وبشيء من البدع، وربما خالطه شيء من الشرك الذي لا يكاد يُنتبَه إليه. فلما كانت هذه الرجعة إلى الإسلام (التي دعوها الصحوة الإسلامية) رأينا الغدير الواحد صار ثلاثة غُدُر: واحداً صغيراً صافياً عذباً لا مثيل له في صفائه وفي عذوبته، وواحداً وسخاً قذراً لا شبيه له في وساخته وقذارته، وأكثر ماء الغدير بقي على ما كان عليه.
* * *
أعود إلى قصة الفتى الألماني. قلت له: ما كذب هؤلاء