نشرت سنة 1965
زرت الرياض من سنتين بعد غيبة عنها امتدت ثلاثين سنة، فتفضل جماعة من طلبة العلم فاستقبلوني في المطار وصحبوني إلى البلد. وسلكت بنا السيارة شارع الوزارات، نمرّ بتلك المَغاني (الفيلاّت) الجميلات وتلك الأبنية الكبيرات المشرفات، وأنا أنظر إليها نظر المدهوش الذي يُفاجَأ بما لم يكن يتوقع؛ فقد كان عهدي بتلك البقاع أنها صحراء جرداء ما فيها نبت ولا ماء وليس فيها من بناء، وأراها الآن شارعاً ضخماً في وسطه حديقة ممتدة، فيها الورد والزهر وفيها أنواع الشجر والماء يجري فيها متدفقاً من الأنابيب، والعمارات على جانبيها والسيارات تجري على طرقها!
وكان أصحابي كلما رأوني أزداد دهشة ازدادوا اندفاعاً في الوصف ومبالغة في البيان، ثم قال لي واحد منهم، وقد أخذته نشوة كل دليل يُطلع الغريبَ على جمال بلده: أهذه أول مرة ترى فيها الرياض؟
قلت: إني أعرفها من قبل أن تُولد، ولكن ليست هذه هي الرياض التي أعرفها.