نريد من كل عالم أن ينتج لنا شيئاً. إننا نحتاج إلى كثير ... نحتاج إلى شباب ينقلون إلينا علوم الغرب التي برعوا فيها على نحو ما نقل التراجمةُ علومَ اليونان في مطلع العهد العباسي، ونحتاج إلى شيوخ يفهمون هذه الكتب ويبيّنون لنا حكم الدين فيها.
نحتاج إلى شيوخ يؤلفون لنا كتباً جديدة بأسلوب علمي مفهوم، في الفقه والتوحيد والأصول والمصطلح وسائر العلوم الإسلامية، ونحتاج إلى شبان يقرؤون هذه الكتب ويتفهمونها.
نحتاج إلى فقهاء يجدّدون لنا باب المعاملات في الفقه. وأرجو ألاّ تفهموا كلمتي على غير وجهها، فأنا أريد أن ننظر في أحكام الفقه، فما كان منها مستنداً إلى نص قاطع من كتاب أو سنة يبقى على حاله لأنه لا سبيل إلى تبديله مطلقاً، وما كان مستنداً إلى شيء من العُرف الذي كان سائداً في وقت من الأوقات، وتغيَّر اليوم هذا العرف، يتغير الحكم تبعاً له. وهذا هو مدلول القاعدة الفقهية: «لا يُنكَر تغير الأحكام بتغير الأزمان»، لا كما يفهمها بعض الببغاوات ممن درسوا «المجلة» في الحقوق، فيريدون أن يغيروا أحكام القرآن تبعاً لهذه القاعدة.
* * *
أنا لا أحب أن أجعل محاضرتي في الفقه والأصول، ولا أريد أن أسوق لكم أمثلة كثيرة أرهقكم بسماعها، ولكني أريد أن أقول: إن الزمان قد استدار كيوم بدأت الحضارة الإسلامية، وإن علينا أن ننشئ حضارة جديدة، لا هي بالغربية الخالصة ولا هي حضارة أجدادنا بكل فروعها، بل هي حضارة مقتبَسة من