أصولياً، كن أبا حنيفة ... فخذ دفتره فانظر ماذا كان؟
فلا والله ما استُقبلتُ في حياتي بمثل ما استقبلني به هذا الطالب، وما رأيت وما سمعت بأعجب منه: مسيحي يدرّس دين الإسلام!
أوَليس تاريخ محمد صلى الله عليه وسلم وتاريخ القرآن ديناً؟ ما بقي والله إلا أن أدرّس أنا تاريخ الإنجيل ومذاهب النصرانية، وأنا لا أعرف كتاباً من الكتب التي ألفها النصارى في هذا الباب، لا أعرف فيه إلا كتاباً لشيخ مسلم. أيّ فرق بين هذا، وبين أن يدرّس هذا الشاب المسيحي دينَنا لطلابنا المسلمين، وما معه من المراجع إلا كتاب مستشرق نصراني؟
أخذتُ الدفتر أنظر ما فيه، فإذا فيه درس للقرآن والحديث والمذاهب الإسلامية في الفقه ونشوئها وأصولها واختلافها، كل آرائه جديد مبتكَر لم يعرفه أحد من العلماء والباحثين ولا يقرّه الدين. فسبّحتُ بحمد الله إذ يؤتي الحكمة من يشاء! وأحببتُ أن أشير إلى طرف من هذه الآراء، أدلّ عليها الناس ليهتدوا بها إلى الحق الذي تجنّب علماءَ المسلمين في الدهر الأطول، ثم جاء في ذَنَب الزمان على لسان «خواجة» ... وأن أدلّ على مكان العبرة منها.
* * *
كان الناس كلهم، مذ جاء الله بالإسلام إلى يوم الناس هذا، مجتمعين على أن القرآن جديد في أسلوبه لا يشبه أساليب العرب في مخاطباتهم وآدابهم، وأن الله تحدّاهم به وهم ملوك